أَعْلَمُ. (الثَّانِي) شَمِلَ قَوْلُنَا: لُصُوصٌ مَنْ يَخَافُ طُرُوَّهُ، وَمَنْ يَكُونُ مَعَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَوْ يَخَافُ لُصُوصًا أَوْ سِبَاعًا حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ أَوْ كَانَ مَنْ هُوَ مَعَهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ مَتَى فَارَقَهُ ذَهَبَ بِرَحْلِهِ، انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا الْخَوْفَ عَلَى النَّفْسِ مِنْ اللُّصُوصِ، أَوْ السِّبَاعِ اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَحْرَوِيَّةِ تَعْمِيمُهُ ذَلِكَ. (الرَّابِعُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: مِنْ أَسْبَابِ التَّيَمُّمِ خَوْفُ فَوَاتِ الرَّفِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ كَتَبَ عَلَيْهِ ذِكْرَ حَقٍّ كَرَاهَةَ تَعْرِيسِهِمْ دُونَ الْمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ خَوْفًا عَلَى مَا لَهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا إعَادَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ: يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُعِيدُونَ أَبَدًا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبْسُوطَةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يَجُوزُ لَهُمْ مِنْ النُّزُولِ دُونَ الْمَاءِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ الْعَقْدِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ عَدَمِ شِرَاءِ الْمَاءِ إذَا رَفَعُوا عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ سُقُوطَ طَلَبِهِ عَلَى مِيلٍ وَنِصْفِ مِيلٍ خَوْفَ سَلَّابَةٍ، أَوْ سِبَاعٍ ابْنُ رُشْدٍ. مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَطْلُبُهُ فِي الْمِيلِ إنْ لَمْ يَخَفْ شَيْئًا وَفِي النَّوَادِرِ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ فَلْيَتَيَمَّمْ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَجِدُ مِنْ الْقُوَّةِ وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي رَسْم الْبَزِّ، وَأَمَّا الْمِيلَانِ فَهُوَ كَثِيرٌ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ، وَلَا حَضَرٍ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ طَرِيقِهِ مِيلَيْنِ.
ص (أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ)
ش: أَيْ: وَكَذَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِمَنْ ذُكِرَ إذَا خَافُوا خُرُوجَ الْوَقْتِ بِسَبَبِ طَلَبِهِمْ لِلْمَاءِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ خَافَ فِي الْحَضَرِ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ إنْ ذَهَبَ إلَى النِّيلِ يَتَوَضَّأُ وَهُوَ فِي مِثْلِ الْمَعَافِرِ وَأَطْرَافِ الْفُسْطَاطِ فَلْيَتَيَمَّمْ وَيُصَلِّ، وَلَا يَذْهَبُ إلَى الْمَاءِ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إنْ اشْتَغَلَ بِرَفْعِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ خَافَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ إنْ رَفَعَ الْمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ ذَهَبَ الْوَقْتُ يَتَيَمَّمُ وَفِي التَّلْقِينِ الثَّالِثُ أَنْ يَخَافَ مَتَى تَشَاغَلَ بِاسْتِعْمَالِهِ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِضِيقِهِ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ، أَوْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ كَالدَّلْوِ وَالرِّشَا فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ أَقْسَامِ الْحَاضِرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ بِطَلَبِ الْمَاءِ، وَمَنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِرَفْعِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِعَدَمِ الْآلَةِ وَالرَّابِعُ مَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهَا وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ، قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ عَبْدٍ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَنْ خَافَ طُلُوعَ الشَّمْسِ يَتَيَمَّمُ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الصُّبْحَ لَيْسَ لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهَا وَقْتَ ضَرُورَةٍ وَهُوَ الْإِسْفَارُ فَإِنَّمَا يُعَالِجُ طَلَبَ الْمَاءِ مَا لَمْ يَخَفْ أَنْ يُسْفِرَ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَجِدُ الْمَاءَ يَنْتَقِلُ إلَى التَّيَمُّمِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ مِنْ اعْتِبَارِ الضَّرُورِيِّ هُنَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، انْتَهَى.
كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيّ: الْأَوْقَاتُ الَّتِي تُؤَدَّى فِيهَا الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ أَوْقَاتُ الِاخْتِيَارِ لَا أَوْقَاتُ الضَّرُورَاتِ فَكُلُّ وَقْتٍ تُؤَدَّى فِيهَا الصَّلَاةُ بِالْوُضُوءِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ مَعَ الِاخْتِيَارِ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي تُؤَدَّى فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ لَا تُؤَخَّرُ عَنْهُ، انْتَهَى.
وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَصْلُ مُتَّحِدًا أَخَّرَ الْقَيْدَ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْوَافِي وَالشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ خِلَافُ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ، وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ عَسْكَرَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِهِ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَنْ لَا يُدْرِكَ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ فَإِنَّهُ يُدْرِكُ بِحُصُولِ رَكْعَةٍ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْأَوْقَاتِ، وَأَمَّا إذَا خَافَ خُرُوجَ