وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ قَالَ سَنَدٌ: فَرْعٌ: إذَا قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّي قَائِمًا فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي عِرْقِهِ وَخَافَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ انْقَطَعَ عَنْهُ الْعِرْقُ وَدَامَتْ عِلَّتُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ: إنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ زَوَالِ عِرْقِهِ لَمْ يُعِدْهُ وَمَا قَالُوهُ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ فَإِنَّ دَوَامَ الْمَرَضِ فِي مَعْنَى زِيَادَةِ الْمَرَضِ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُنَا بَحْثٌ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى الْخَوْفِ فَهَلْ يَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ اعْتِبَارِ مُجَرَّدِ الْخَوْفِ، أَوْ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا خَوْفًا نَشَأَ عَنْ سَبَبٍ: أَمَّا إذَا كَانَ عَنْ جُبْنٍ وَخَوْرٍ لَا عَنْ سَبَبٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ كَأَنْ يَتَقَدَّمَ لَهُ تَجْرِبَةٌ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ مِمَّا يُقَارِبُهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ بِخَبَرِ عَارِفٍ بِالطِّبِّ.

ص (أَوْ عَطَشَ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ يُبَاحُ لِمَنْ تَقَدَّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ أَيْضًا إذَا خَافُوا عَطَشَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا خَافَ الْعَطَشَ إنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَعَهُ تَيَمَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَكَظَنِّ عَطَشِهِ أَوْ عَطَشِ مَنْ مَعَهُ مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ دَابَّةٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَظَنِّ عَطَشِهِ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا كَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ وَالتَّلْقِينِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمَا إذَا خَافَ عَطَشَهُ، أَوْ عَطَشَ مَنْ مَعَهُ تَيَمَّمَ، وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْتَ الْعِبَارَتَيْنِ وَجَدْتَ بَيْنَهُمَا فَرْقًا؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي الْعَطَشِ أَوْ تَوَهَّمَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ عِبَارَاتِهِمْ، انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْح ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَصُّ مَا فِي التَّلْقِينِ: الرَّابِعُ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى إنْسَانٍ التَّلَفَ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ، أَوْ يَخَافَ ذَلِكَ فِي ثَانِي حَالٍ وَيَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا إذَا خَافَ عَطَشًا يُمْرِضُهُ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ حُدُوثِ الْمَرَضِ، وَأَمَّا خَوْفُهُ تَلَفَ آخَرَ مِنْ الْعَطَشِ فَيُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ نَفْسِ غَيْرِهِ كَحُرْمَةِ نَفْسِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ عَلَى غَيْرِهِ الْمَوْتَ، أَوْ ضَرَرًا أَشْبَهَ الْمَوْتَ وَقَيَّدَ الْقَاضِي كَلَامَهُ هُنَا بِخَوْفِ التَّلَفِ لِلِاخْتِلَافِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَأَمَّا خَوْفُهُ مِنْ مَرَضِ غَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ: " أَوْ يَخَافَ ذَلِكَ فِي ثَانِي حَالٍ إلَخْ "؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ فِي الْحَالِ، أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يَشْرَبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ هُنَا تَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ، انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَأَنْتَ تَرَاهُ كَيْفَ اشْتَرَطَ غَلَبَةَ الظَّنِّ كَمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إنَّمَا تُنَاطُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لَا بِالشَّكِّ وَالْوَهْمِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَثُرَتْ الرُّفْقَةُ وَكَثُرَ مَعَهُ الْفُقَرَاءُ كَالرَّكْبِ وَالْقَوَافِلِ الْعَظِيمَةِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِي مِثْلِ الْمَفَاوِزِ وَالْخُبُوتِ لَا سِيَّمَا فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ أَنْ يَخَافَ عَلَى مَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ الْمَوْتَ مِنْ الْعَطَشِ فَيُبَاحُ التَّيَمُّمُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْقِيَ الْفُقَرَاءَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْضُلُ عَنْ شُرْبِهِ وَشُرْبِ مَنْ مَعَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ فِي خَوْفِ الْمَرَضِ نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي خَوْفِ الْعَطَشِ بَيْنَ أَنْ يَخَافَ الْمَوْتَ، أَوْ يَخَافَ ضَرَرًا لَا يَمُوتُ مَعَهُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِلَافًا وَالظَّاهِرُ نَقْلُ الْمَازِرِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخَافَ عَلَى غَيْرِهِ الْمَرَضَ أَوْ التَّلَفَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي الْعُمْدَةِ لِابْنِ عَسْكَرٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى غَيْرِهِ الْمَرَضَ، أَوْ خَوْفَ عَطَشٍ مُتَوَقَّعٍ وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ، أَوْ دَابَّةٍ فَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَسْقِيهِ فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ وَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَاسْتَسْقَاهُ أَيَسْقِيهِ وَيَتَيَمَّمُ قَالَ: ذَلِكَ يَخْتَلِفُ. أَمَّا رَجُلٌ يَخَافُ أَنْ يَمُوتَ فَيَسْقِيَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُ الْأَمْرُ الْمَخُوفُ فَلَا أَرَى ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ عَطَشًا خَفِيفًا وَلَكِنْ إنْ أَصَابَهُ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015