لَيْسَ فِي الْمُوَطَّإِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ انْتَهَى.
(قُلْت) وَهَذَا مِنْ الْأَمْرِ الْعَجِيبِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمُوَطَّإِ وَشُرُوحِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَ عَشَرَ) قَوْلُهُ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا هُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ هَكَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ مَاكُولَا وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِتْقَانِ وَكَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ وَرَأَيْت بِخَطِّ مَنْ لَا تَحْقِيقَ لَهُ أَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا بِالْهَمْزِ وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ رُوِيَ هُنَيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - انْتَهَى.
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَوْلُهُ يُدْعَى هُنَيًّا بِالنُّونِ مُصَغَّرًا مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ وَقَدْ يُهْمَزُ وَهَذَا الْمَوْلَى لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ إدْرَاكِهِ. وَقَوْلُهُ عَلَى الْحِمَى قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي بَيَّنَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ عَلَى حِمَى الرَّبَذَةِ وَقَوْلُهُ اُضْمُمْ جَنَاحَك عَنْ النَّاسِ أَيْ اُكْفُفْ يَدَك عَنْ ظُلْمِهِمْ فِي الْمَالِ وَالْبَدَنِ وَالْجَنَاحُ الْيَدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} [القصص: 32] وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ اُضْمُمْ جَنَاحَك عَنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِي رِوَايَةِ مَعْنٍ عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْغَرَائِبِ اُضْمُمْ جَنَاحَك لِلنَّاسِ وَعَلَى هَذَا اُسْتُرْهُمْ بِجَنَاحِك وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اُضْمُمْ جَنَاحَك لِلنَّاسِ لَعَلَّهُ عَلَى النَّاسِ فَإِنِّي رَأَيْته كَذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ اُضْمُمْ جَنَاحَك يَقُولُ لَا تَسْتَطِلْ عَلَى أَحَدٍ لِمَكَانِك مِنِّي وَقَوْلُهُ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ كِنَايَةٌ لَطِيفَةٌ عَنْ النَّهْيِ عَنْ الظُّلْمِ وَهَكَذَا رَأَيْته فِي نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِلَفْظِ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبِي نُعَيْمٍ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ هَكَذَا فِي نُسَخِ الْمُوَطَّإِ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَقَوْلُهُ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ أَدْخِلْ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ مَفْتُوحَةٍ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَمُتَعَلِّقُ الْإِدْخَالِ مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ الْمَرْعَى وَالصُّرَيْمَةُ بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرُ الصِّرْمَةِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ الْإِبِلِ نَحْوُ الثَّلَاثِينَ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي كِتَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الثَّلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الثَّلَاثِينَ أَوْ إلَى الْخَمْسِينَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ أَوْ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ مَا بَيْنَ عَشَرَةٍ إلَى بِضْعِ عَشَرَةٍ وَالْغُنَيْمَةُ عَلَى وَزْنِ الصُّرَيْمَةِ مُصَغَّرٌ أَيْضًا هِيَ مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْمِائَتَيْنِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَفَّانَ فِيهِ تَحْذِيرُ الْمُتَكَلِّمِ نَفْسَهُ وَهُوَ شَاذٌّ لَا يُقَاسَ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ النَّحْوِيِّينَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَدْ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِالْكَافِ وَالْوَارِدُ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ بِالْيَاءِ وَابْنُ عَوْفٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنُ عَفَّانَ هُوَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ لِكَثْرَةِ نَعَمِهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّحَابَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَلَمْ يُرِدْ مَنْعَهُمَا أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسَعْ الْمَرْعَى إلَّا نَعَمَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ فَنَعَمُ الْمُقِلِّينَ أَوْلَى فَنَهَاهُ عَنْ إيثَارِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا أَوْ تَقْدِيمِهِمَا قَبْلَ غَيْرِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَ حِكْمَةَ ذَلِكَ انْتَهَى.
(قُلْت) ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْعَ نَعَمِهِمَا لِيَتَوَفَّرَ الْمَرْعَى لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ يَأْتِنِي بِبَنِيهِ كَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُوَطَّإِ يَأْتِنِي بِحَذْفِ الْيَاءِ لِلْجَزْمِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَأْتِينِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ بِبِنْيَتِهِ كَذَا فِي نُسَخِ الْمُوَطَّإِ بِالنُّونِ قَبْلَ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ جَمْعُ ابْنٍ وَهِيَ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْبُخَارِيُّ بِبَيْتِهِ بِالتَّاءِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ الْفَوْقِيَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْتِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ وَقَوْلُهُ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَقُولُ الْقَوْلِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي لَفْظٍ مَخْصُوصٍ نَحْوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا فَقِيرٌ أَنَا مُحْتَاجٌ إلَى كَذَا وَقَوْلُهُ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ أَيْ لَا أَتْرُكُهُمْ مُحْتَاجِينَ وَقَوْلُهُ لَا أَبَا لَك بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْجُمْهُورِ