بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَالِكِيُّ قَالَ الْبَكْرِيُّ الرَّبَذَةُ هِيَ الَّتِي جَعَلَهَا عُمَرُ حِمًى لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَكَانَ حِمَاهُ الَّذِي حَمَاهُ بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ قَالَ ثُمَّ تَزَيَّدَتْ الْوُلَاةُ فِي الْحِمَى أَضْعَافًا ثُمَّ أُبِيحَتْ الْأَحْمِيَةُ فِي أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ فَلَمْ يَحْمِهَا أَحَدٌ وَحَمَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَرَفَةَ وَزَادَ فِيهِ عُثْمَانُ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَحَمَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرَّبَذَةَ لِمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَحْوُ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ فِي مِثْلِهَا وَحَمَى ذَلِكَ عُمَرُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَحَمَى أَيْضًا الشَّرَفَ انْتَهَى.

(الثَّامِنُ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ الْحَدِيثَ السَّابِقَ بِلَفْظِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ وَنَعَمِ الْجِزْيَةِ مُدْرَجٌ لَيْسَ فِي أَصْلِ الْخَبَرِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(التَّاسِعُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ حَمَى النَّقِيعَ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ رُبَاعِيًّا فَقَالَ أَحْمَيْت الْمَكَانَ جَعَلْته حِمًى انْتَهَى.

(قُلْت) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَّا الرُّبَاعِيُّ وَنَصُّهُ حَمَيْته أَيْ دَفَعْت عَنْهُ وَهَذَا شَيْءٌ حِمًى عَلَى فَعْلٍ أَيْ مَحْظُورٍ لَا يُقْرَبُ وَأَحْمَيْت الْمَكَانَ جَعَلْته حِمًى انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ حَمَى الشَّيْءَ يَحْمِيه حَمْيًا وَحِمَايَةً بِالْكَسْرِ وَمَحْمِيَّةٌ مَنَعَهُ وَكَلَأٌ حِمًى كَرِضًا مَحْمِيٌّ ثُمَّ قَالَ وَأَحْمَى الْمَكَانَ جَعَلَهُ حِمًى لَا يُقْرَبُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ الْحِمَى بِكَسْرِ الْحَاءِ مَقْصُورٌ الْمَمْنُوعُ مِنْ الرَّعْيِ تَقُولُ حَمَيْت الْحِمَى فَإِذَا اُمْتُنِعَ مِنْهُ قُلْت أَحْمَيْته وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ حَمَيْت الْمَاءَ الْقَوْمَ أَيْ مَنَعْتهمْ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمَشَارِقِ أَنَّهُ يُقَالُ حَمَيْته بِالْفِعْلِ الثُّلَاثِيِّ وَأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَحْمَيْته بِالرُّبَاعِيِّ إلَّا بَعْدَ امْتِنَاعِ النَّاسِ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْعَاشِرُ) قَوْلُهُ لَا حِمَى بِلَا تَنْوِينٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِالتَّنْوِينِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَتَكُونُ - حِينَئِذٍ - لَا بِمَعْنَى لَيْسَ أَيْ فَتَكُونُ لِلِاسْتِغْرَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي إذَا حَمَى أَنْ يَجْعَلَ لِلْحِمَى حَافِظًا يَمْنَعُ أَهْلَ الْقُوَّةِ مِنْ الرَّعْيِ فِيهِ وَيَأْذَنُ لِلضَّعِيفِ وَالْعَاجِزِ فَإِنْ دَخَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقُوَّةِ وَرَعَى مُنِعَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَا تَعْزِيرَ انْتَهَى.

(قُلْت) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِيهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِهُنَيٍّ حِينَ وَلَّاهُ عَلَى الْحِمَى أَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَفَّانَ اهـ. إلَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ النَّهْيُ وَتَعَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَرَعَى فِي الْحِمَى فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ بِالزَّجْرِ أَوْ التَّهْدِيدِ فَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْمُخَالَفَةُ فَيُعَزِّرُهُ بِالضَّرْبِ وَقَوْلُهُمْ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي آخِرِ جَامِعِ الْمُوَطَّإِ فِي بَابِ مَا يُتَّقَى مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُدْعَى هُنَيًّا عَلَى الْحِمَى فَقَالَ يَا هُنَيُّ اُضْمُمْ جَنَاحَك عَنْ النَّاسِ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَفَّانَ فَإِنَّهُمَا إنْ تَهْلِكْ مَوَاشِيهِمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْمَدِينَةِ إلَى زَرْعٍ وَنَخِيلٍ وَإِنَّ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغُنَيْمَةِ إنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُ يَأْتِ بِبَنِيهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا - لَا أَبَا لَك - فَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَأَيْمُ اللَّهِ إنَّهُمْ لَا يُرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ إنَّهَا لَبِلَادُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ قَاتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا انْتَهَى.

(الثَّانِي عَشَرَ) هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عَنْ إسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَهَذَا الْحَدِيثُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015