قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْبَيَاضُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ عَنْ الشَّجَرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيَاضُ بَيْنَ أَضْعَافِ السَّوَادِ، أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ، قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ انْتَهَى.
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَبَيَاضِ شَجَرٍ لَكَانَ أَشْمَلَ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الْبَيَاضِ الْكَائِنِ مَعَ الشَّجَرِ، أَوْ مَعَ الزَّرْعِ فِي مُسَاقَاةِ الشَّجَرِ، وَفِي مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ)
ش: فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ مِنْهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَرْثُهُ وَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ نِصْفُ الْبَذْرِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، أَوْ حَرْثُ الْبَيَاضِ فَقَطْ، وَإِنْ جَعَلَا الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَعْمَلُهُ، وَمَا أُنْبِتَ بَيْنَهُمَا فَجَائِزٌ انْتَهَى.
ص (كَاشْتِرَاطٍ يُرَدُّ بِهِ)
ش: هَذَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ يَسْقِيهِ، أَوْ يَبْذُرُهُ أَوْ يَعْمَلُ فِيهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ قَالَهُ فِي الْمُوَطَّإِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْلًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ فَجَائِزٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ انْتَهَى.
(قُلْت:) وَسِيَاقُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَقْيِيدٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيَاضِ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأُلْغِيَ لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ) ش يَعْنِي أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا سَكَتَا عَنْ الْبَيَاضِ حِينَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، فَلَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَلَا اشْتَرَطَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ.
ص (أَوْ اشْتَرَطَهُ) ش يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَطَ الْبَيَاضَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ إلْغَاءَ الْبَيَاضِ لِلْعَامِلِ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُلْغَى الْبَيَاضُ، فَيَكُونَ لِلْعَامِلِ، وَهَذَا أَصْلُهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ، فَإِنْ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ، وَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ سَاقَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى شَطْرِ مَا أَخْرَجَتْ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ حَبٍّ فَلِمَا اسْتَحَبَّ مَالِكٌ إلْغَاءَ الْبَيَاضِ، فَلِمَ يَسْتَحِبُّ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا