وَالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَهَا
ص (أَوْ كَالْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ)
ش: كَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالصَّرِيحِ فِي هَذَا، وَنَصُّهُ: وَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْقُطْنِ، وَأَمَّا الْمَقَاثِيُّ وَالْبَصَلُ وَقَصَبُ السُّكْرِ فَكَالزَّرْعِ تُسَاقَى إنْ عَجَزَ رَبُّهُ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَوْلُ مَنْ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَظْهَرُ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْيَاسَمِينَ وَالْوِرْدِ جَائِزَةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ صَاحِبُهَا عَنْ عَمَلِهَا انْتَهَى.
وَأَمَّا الْقُطْنُ فَاسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقُطْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافًا فِي حَالٍ فَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ يَكُونُ شَجَرَةً كَالْأُصُولِ الثَّابِتَةِ تُجْنَى سِنِينَ، وَفِي بَعْضِهَا تَكُونُ كَالزَّرْعِ يُسَاقَى إنْ عَجَزَ رَبُّهُ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَلِيُتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
ص (وَأُقِّتَتْ بِالْجَدَادِ) ش يَعْنِي أَنَّ الشَّأْنَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنْ تُؤَقَّتَ بِالْجُذَاذِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ التَّوْقِيتُ بِذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةُ، أَوْ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه كَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ قَالَ فِيهَا: وَالشَّأْنُ فِي الْمُسَاقَاةِ إلَى الْجَدَادِ، وَلَا يَجُوزُ شَهْرًا، وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً، وَهِيَ إلَى الْجَدَادِ إذَا لَمْ يُؤَجِّلَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُشْتَرَطُ تَأْقِيتُهَا وَأَقَلُّهُ إلَى الْجُذَاذِ، وَإِنْ أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ مَعَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ الْمُطْلَقَةِ بَعْدُ، فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَ الْجَهَالَةِ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ، وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى إطْلَاقِ الْعَقْدِ قُلْت: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْجَهَالَةُ مَانِعَةً مِنْ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ انْتَهَى.
، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ شَهْرًا، وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً ظَاهِرُهُ كَانَ الْأَجَلُ يَنْقَضِي قَبْلَ الْجَدَادِ، أَوْ بَعْدَهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَنْقَضِي إلَّا بَعْدَ الْجُذَاذِ فَهِيَ زَائِدَةٌ اشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ يَعْمَلُ فِي نَصِيبِهِ فَلِهَذَا قَالَ لَا تَجُوزُ شَهْرًا، وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَسْأَلَةٌ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الَّذِي سَاقَى ثَلَاثَ سِنِينَ أَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جُذَادٍ إلَى جُذَاذٍ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ السِّنِينَ فِي الْمُسَاقَاةِ إنَّمَا هِيَ بِالْأَجِدَّةِ لَا بِالْأَهِلَّةِ بِخِلَافِ الْقَبَالَاتِ الَّتِي إنَّمَا هِيَ بِالْأَهِلَّةِ لَا بِالْأَجِدَّةِ، فَإِنْ سَاقَاهُ السِّنِينَ وَاشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْخُرُوجَ قَبْلَ الْجُذَاذِ، أَوْ بَعْدَهُ رُدَّ فِي ذَلِكَ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ انْتَهَى.
، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُسَاقَاةُ إلَى السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أُرِيدَ انْقِضَاءُ السَّقْيِ بِانْقِضَاءِ الثَّمَرَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي تِلْكَ السِّنِينَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ التَّمَادِي بِالْعَمَلِ إلَى انْقِضَاءِ شُهُورِ تِلْكَ السَّنَةِ، وَإِنْ جُدَّتْ الثَّمَرَةُ لَمْ تُجَزَّ وَكَانَ الْعَامِلُ فِي السِّنِينَ الْأُولَى عَلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ، وَفِي الْعَامِ الْأَخِيرِ مِنْ حِينِ تُجَدُّ الثَّمَرَةُ إلَى آخِرِ ذَلِكَ الْعَامِ عَلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ انْتَهَى.
(قُلْت:) فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنْ تُؤَقَّتَ بِالْجَدَادِ سَوَاءٌ عَقَدَاهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ، أَوْ لِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَإِنْ عَقَدَاهَا وَأَطْلَقَا حُمِلَتْ عَلَى الْجَدَادِ وَعَلَى أَنَّهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ عَقَدَاهَا لِسَنَةٍ أَوْ لِسَنَتَيْنِ وَأَطْلَقَا حُمِلَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَجِدَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّحْدِيدَ بِالسَّنَةِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَجُزْ وَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ بِذَلِكَ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسِنِينَ.
ص (وَحُمِلَتْ عَلَى أَوَّلٍ، لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ) ش، فَإِنْ اُشْتُرِطَ الثَّانِي جَازَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَتْ تُطْعِمُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَهِيَ إلَى الْجَدَادِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: وَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ نَخْلٍ يُطْعِمُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ كَمَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ عَامَيْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ مُسَاقَاةِ الْقَضْبِ؛ لِأَنَّ الْقَضْبَ يَحِلُّ بَيْعُهُ وَبَيْعُ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ وَالشَّجَرُ لَا يُبَاعُ ثِمَارُهَا قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ انْتَهَى.
يَعْنِي أَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ، وَإِنْ كَانَ يُطْعِمُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فَلَيْسَ هُوَ كَالْقَضْبِ الَّذِي يُخْلِفُ لِمَا ذَكَرَهُ، وَالْقَضْبُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ، أَوْ زَرْعٍ)
ش: