ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ.
وَنَصُّهُ أَمَّا إنْ أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ رُبَعٍ أَوْ مَا يُفْضِي إلَى حَدٍّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْفَعُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالثَّانِي مُقَابِلُهُ قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحُدُودِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، فَأَحْرَى غَيْرُهَا، الثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ كِنَانَةَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إلَّا فِي الرُّبَعِ وَالْحُدُودِ.
الرَّابِعُ: لِابْنِ الْمَوَّازِ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْحُدُودِ ا. هـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَنَصُّهُ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مَالًا فَجَحَدَهُ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ قَالَ: لَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِوَجْهٍ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ قَالَ: وَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا فِي يَدَيْهِ قَدْ حَازَهَا عَشْرَ سِنِينَ، فَأَنْكَرَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهَا لَهُ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ، فَجَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْت أَنَّ حِيَازَتِي تَكْفِينِي، وَلَيْسَ هَذَا كَالدَّيْنِ انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْقِرَاضِ وَفِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَفِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَفِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ: قِيلَ إنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَقِيلَ إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْأُصُولِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُقُوقِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَرْضًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: مَا لَكَ عِنْدِي أَرْضٌ، وَمَا عَلِمْت لَك أَرْضًا قَطُّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَرْضُهُ وَأَثْبَتَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فَقَالَ: نَعَمْ هِيَ وَاَللَّهِ أَرْضُكَ وَلَكِنْ قَدْ اشْتَرَيْتُهَا مِنْك وَأَقَامَ بِشِرَائِهِ بَيِّنَةً فَإِنَّ اشْتِرَاءَهُ لِذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَتَكُونُ لَهُ الْأَرْضُ وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ وَاَللَّهِ حَوْزِي يَنْفَعُنِي أَصْنَعُ بِالْأَرْضِ مَا شِئْت فَأَبَيْت أَنْ أُقِرَّ أَنَّهَا لَهُ فَيَكُونُ عَلَيَّ الْعَمَلُ فَكَرِهْت أَنْ أُعَنَّتَ فِي ذَلِكَ فَإِذْ قَدْ احْتَجْت إلَى شِرَائِي بَعْدَ أَنْ أَثْبَتهَا فَهَذَا شِرَائِي قَالَا فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ مِثْلَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ، فَجَحَدَهُ وَأَدْخَلَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ.
وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ: وَسَوَاءٌ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ مِنْ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْت أَنَّ حِيَازَتِي تَكْفِينِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْمَدِينِ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا فِي اللِّعَانِ إنْ ادَّعَى رُؤْيَةً بَعْدَ إنْكَارِهِ الْقَذْفَ، وَأَرَادَ أَنْ يُلَاعِنَ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ اللِّعَانَ مِنْ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي اللِّعَانِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ فَتَحَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا:
أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا فِي اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ فِي اللِّعَانِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَقْبَلَهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الدُّيُونِ وَالْأُصُولِ وَالثَّانِي: أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَالثَّالِثُ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُدُودِ، وَمَا سِوَاهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ فِي الْأُصُولِ أَوْ الْحُدُودِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ مِنْ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي الْأَمْوَالِ، فَأَحْرَى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ انْتَهَى.
وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ تَمَامُهَا فِي الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْقِرَاضِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ الشَّيْخُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَخَوَيْنِ مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ جَحَدَهَا، ثُمَّ أَقَامَ بِرَدِّهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ بِجَحْدِهَا يُرِيدُ إنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا وَلَوْ قَالَ مَا لَك عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ نَفَعَتْهُ بَيِّنَتُهُ انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ عَنْ