مَحْضُ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ مُسْتَدِلٍّ عَلَيْهِ وَاسْتِشْهَادُ الْمَازِرِيِّ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَبَيْنَ جَعْلِهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ كَقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ جَعَلْت بَيْعَهُ بِيَدِكَ هَذَا إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ لُزُومَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ شَاسٍ مِنْهُ إنَّ قَوْلَهُ أَقِرَّ عَنِّي بِكَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِذَلِكَ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ كَبِيرُ شَاهِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَعْصِيَةٌ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْوَكَالَةُ نِيَابَةٌ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ هَارُونَ بِالنِّيَابَةِ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَقَتْلِ الْعُدْوَانِ وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: وَلَا تَصِحُّ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ صِدْقِيَّةِ النِّيَابَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ وَالِاسْتِعْمَالَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ النِّيَابَةِ اسْتِحْقَاقُ جَاعِلِهَا فِعْلَ مَا وَقَعَتْ النِّيَابَةُ فِيهِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ إنَّ الْوَكَالَةَ تَعْرِضُ لَهَا الْحُرْمَةُ، وَمَثَّلَهُ بِالْبَيْعِ الْحَرَامِ فَتَأَمَّلْهُ.
ص (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا)
ش: اعْلَمْ أَنَّ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ أَرْبَعَةٌ: الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِهِمَا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّالِثُ مَا فِيهِ التَّوْكِيلُ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَالرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَأَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تَصِحُّ وَتَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهَا فِي الْعُرْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ قَالَ فِي اللُّبَابِ: مِنْ أَرْكَانِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّوْكِيلِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُكَ أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَقَوْلِهِ تَصَرَّفْ عَنِّي فِي هَذَا أَوْ كَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى.
(قُلْت) ، وَهَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ وَيُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ فِي اللُّبَابِ: إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بِالتَّوْكِيلِ الطَّوِيلِ فَيُخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَزَادَ فِيهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إلَى الْعَادَةِ هَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ