عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا؟ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَا بُدَّ فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْقَبُولِ فَإِنْ وَقَعَ بِالْفَوْرِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ فَفِي لَغْوِهِ قَوْلَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي لَغْوِ التَّخْيِيرِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ وَالْعَادَةُ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ اسْتِدْعَاءُ الْجَوَابِ عَاجِلًا؟ أَوْ وَلَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا؟ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْبِسَاطِيُّ وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى بِقَوْلِهِ حَتَّى يُفَوِّضَ، ثُمَّ قَوْلُهُ أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَتُخَصَّصُ وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَأَلْجَأَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَعْنَاهُ مَعَ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَالتَّقْدِيرُ، وَصَحَّتْ الْوَكَالَةُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عُرْفًا وَلَيْسَ مُطْلَقُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَافِيًا فِي ذَلِكَ إذْ قَدْ يَصْدُقُ الْمُطْلَقُ مَعَ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ انْتَهَى. بَعْضُهُ بِالْمَعْنَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ الثَّالِثِ أَعْنِي الْمُوَكَّلَ فِيهِ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُكَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكَالَةِ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ بَلْ كُلُّ مَا دَلَّ لُغَةً أَوْ عُرْفًا، فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ انْتَهَى. وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) مِنْ الْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِالْعَادَةِ كَمَا إذَا كَانَ رُبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ دَفَعَهُ لِأُخْتِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَعِ وَتَصَرُّفُ الرَّجُلِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي قَالَهُ مَالِكٌ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَرَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ.
(الثَّالِثُ) : عَدَّ بَعْضُهُمْ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ ثَلَاثَةً، وَجَعَلَ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ رُكْنًا وَاحِدًا مِنْهُمْ الْمَشَذَّالِيُّ وَنَصُّهُ وَأَرْكَانُ الْوَكَالَةِ ثَلَاثَةٌ: الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ فَالْعَاقِدَانِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ، وَشَرْطُ الْمُوَكِّلِ: جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا وَكَّلَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ مِنْ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَحْجُورِ فِي الْخُصُومَةِ انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) : تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ أَنَّ وَكَالَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ جَائِزَةٌ، وَفِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ طَرِيقَانِ.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الرَّابِعِ فِي تَرْجَمَةِ عِتْقِ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ: وَإِذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لَزِمَتْهُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْتَهَى.
ص (بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ فَيُمْضِيَ النَّظَرَ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَغَيْرُ نَظَرٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعُ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُوَكَّلُ فِيهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ بِالْقَرِينَةِ أَوْ بِالْعَادَةِ، فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لَمْ يُفِدْ حَتَّى يُقَيَّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ فَلَوْ قَالَ: بِمَا لِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مَضَى فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ إذَا كَانَ نَظَرًا إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَغَيْرُ نَظَرٍ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ إطْلَاقَ التَّوْكِيلِ لَا يُفِيدُ حَتَّى يُقَيَّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ، وَهَذَا الْفَرْعُ مِثَالٌ لِلتَّفْوِيضِ وَشَرَطَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي التَّعْمِيمِ فَيَقُولَ أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي لِلْإِبَاحَةِ وَبِهَا يَتِمُّ تَعْمِيمُ الْوَكَالَةِ وَقَدْ جَرَى عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي بَيْعِ دَارِ سُكْنَى مُوَكِّلِهِ وَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ