وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ: أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ فَقَطْ لَا تَشْمَلُ صُلْحًا وَلَا إقْرَارًا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ أَحَدُهُمَا إلَّا بِنَصٍّ مِنْ مُوَكِّلِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْكَافِي: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا عَنْ الْكَافِي وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: وَلَك أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَضَرْت أَوْ غِبْت وَلَا يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ تُفَوِّضَ إلَيْهِ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّكَ سَلَّمْتَهَا، فَهُوَ كَشَاهِدٍ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت أَنْتَ وَأَخَذْت فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَبِ شُفْعَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى. وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ النَّوَادِرِ وَإِذَا وَكَّلْتُهُ عَلَى طَلَبِ شُفْعَةٍ فَسَلَّمَ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ بِذَلِكَ يُلْزِمُكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَوَّضًا لَمْ يُلْزِمْك قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَا: وَإِنْ أَقَرَّ بِتَسْلِيمِكَ فَهُوَ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ، وَيَلْزَمُكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت أَنْتَ وَبَرِئْت قِيلَ لِأَشْهَبَ فَيَطْلُبُ لِي شُفْعَتِي وَقَدْ شَهِدَ عَلَيَّ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ لَكَ شُفْعَةً يَزْعُمُ أَنَّ طَلَبَهَا لَا يَجُوزُ فَإِنْ تَمَادَى فَلْيَسْمَعْ مِنْهُ الْإِمَامُ وَيَقْضِي بِهِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ فَهُوَ لَازِمٌ لِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَبْلَهُ ابْنُ عَاتٍ وَقَالَ قَبْلَهُ وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ نَصًّا وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ نَقْلِهِ قَوْلَ أَصْبَغَ هَذَا مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ إلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمُتَقَدِّمِ إنَّهُ خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ أَصْبَغَ نَصَّ فِيهَا عَلَى تَوْكِيلِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَلْزُومٌ لَجَعْلِهِ قَوْلَهُ وَمَسْأَلَةَ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ إنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ لَازِمٌ فَصَارَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ حَسْبَمَا يَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَهُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة: مَنْ وَكَّلَ عَلَى طَلَبِ حُقُوقِهِ وَالْمُخَاصِمَةِ عَنْهُ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَإِقْرَارُ مُوَكِّلِهِ بِأَنَّهُ وَهَبَ دَارِهِ لِزَيْدٍ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِائَةُ دِينَارٍ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِمُوَكِّلِهِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: إنَّمَا يَلْزَمُ إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي وَكَّلَ عَلَيْهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ شُفْعَتِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ سَلَّمَهَا فَهُوَ شَاهِدٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُضَعِّفًا لِاسْتِدْلَالِهِ بِمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَغْوِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ عَلَى الشُّفْعَةِ لَغْوُ إقْرَارِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِسْقَاطِهَا وَصِدْقِ مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ انْتَهَى.

(قُلْت) : لَا شَكَّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ هُوَ الظَّاهِرُ وَأَنَّ أَخْذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ ضَعِيفٌ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَخَصَّصُ وَتَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّ مَنْ وَكَّلَ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ وَجَعَلَ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ إنَّمَا أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَ فِيهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ قَالَ أَقَرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ)

ش: هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا مِنْ الْآمِرِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي فَأَضَافَ قَوْلَ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا وَجَعَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْهُ كَنَفْسِهِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي أَقِرَّ عَنِّي.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ كَبِيرُ شَاهِدٍ يَرُدُّ بِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015