أَنْ يَعْزِلَهُ؟ فَرَأَى اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا: بِخِلَافِ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَرَأَى غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَاسْتَشْكَلَ الْمَازِرِيُّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذِهِ الْوَكَالَةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا جَعَلَ لَهُ تَمْلِيكَ زَوْجَتِهِ صَارَ كَالْمُلْتَزِمِ لِذَلِكَ الْتِزَامًا لَا يَصِحُّ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ وَمُقَاعَدَةِ خَصْمِهِ ثَلَاثًا هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ فَفِي مَنْعِ الْعَزْلِ بِمُجَرَّدِ انْتِشَاب الْخِصَامِ أَوْ بِمُقَاعَدَتِهِ ثَلَاثًا ثَالِثُهَا بَعْدَ مُقَاعَدَتِهِ مُقَاعَدَةً يَثْبُتُ فِيهَا الْحُكْمُ وَرَابِعُهَا مَا لَمْ يُشْرِفْ عَلَى تَمَامِ الْحُكْمِ وَخَامِسُهَا عَلَى الْحُكْمِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَهُ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَثَانِيهمَا مُحَمَّدٍ انْتَهَى (تَنَبُّهَات الْأَوَّلُ) : مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنْ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ وَمُقَاعَدَةِ خَصْمِهِ ثَلَاثًا إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصِمِ لَهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ مُنَاشَبَتِهِ لِلْخِصَامِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يُنَاشِبْ الْخُصُومَةَ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ نَاشَبَ خَصْمَهُ وَجَالَسَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصَمِ لَهُ، فَلَهُ عَزْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَمْرٍ فَظَهَرَ غِشُّهُ كَانَ عَيْبًا، وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْوَكَالَةَ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ الْوَكِيلِ تَفْرِيطٌ أَوْ مَيْلٌ مَعَ الْخَصْمِ أَوْ مَرِضَ فَلِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ انْتَهَى (الثَّانِي) : مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ لَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلِابْنِ رُشْدٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَنْخَلَّ عَنْ الْوَكَالَةِ مَتَى شَاءَ أَحَدُهُمَا اتِّفَاقًا إلَّا فِي وَكَالَةِ الْخِصَامِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ انْتَشَبَ الْخِصَامُ وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَالْمَخْصُوصُ سَوَاءً انْتَهَى
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ يَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَ، وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ، وَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَا مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ، وَيَكُونُ فِي عَزْلِهِ نَفْسَهُ إبْطَالٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَنَافِعِهِ انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا بِالْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ التَّخَلِّي وَتَكُونُ بِعِوَضٍ مُسَمًّى وَإِلَى أَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَفِي عَمَلٍ مَعْرُوفٍ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِإِجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ، فَلَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ، تَرَدُّدٌ وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْوَكَالَةُ بِأُجْرَةٍ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّهُ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ (الثَّالِثُ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ دِينَارٌ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَآجَرَ رَجُلًا فِي تَقَاضِيهِ الْخَمْسَةَ الدَّرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ فَإِذَا قَبَضْت ذَلِكَ فَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ فَلَمَّا قَدِمَ كَلَّمَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ بِلَا مُؤْنَةٍ وَلَا خُصُومَةٍ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِالدِّينَارِ وَيُرْسِلُ بِالْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إلَى رَبِّهَا انْتَهَى.
ص (وَلَا الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ أَوْ يَجْعَلْ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُفَوِّضًا إلَيْهِ أَوْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَ لَهُ مُوَكِّلَهُ أَنْ يُقِرَّ عَنْهُ وَنَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ