ص (كَأَنْتَقِلَنَّ)
ش: الظَّاهِرُ يُرِيدُ كَأَنْتَقِلَنَّ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ: لَا فِي لَأَنْتَقِلَنَّ وَيُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ فَانْتَقَلَ، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نِصْفُ شَهْرٍ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكْمِلَ الشَّهْرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسْأَلَةِ لَأَنْتَقِلَنَّ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ رَجَعَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَالشَّهْرُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ فُلَانًا مِنْ دَارِهِ فَأَخْرَجَهُ فَلَهُ رَدُّهُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَصَدَ بِالِانْتِقَالِ تَرْهِيبَ جَارِهِ، وَأَمَّا إنْ كَرِهَ جِوَارَهُ فَلَا يُسَاكِنُهُ أَبَدًا قَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مِنْ حَارَةٍ أَوْ مِنْ بَيْتٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَلَدِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ أَبْعَدَ مِنْ بَلَدِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَالْحَالِفُ لَأَنْتَقِلَنَّ إنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ، وَلَا يَحْنَثُ إنْ أَخَّرَ الِانْتِقَالَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ، وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَهُوَ فِيهِ عَلَى بِرٍّ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ سَكَنَ مَنْزِلًا لِامْرَأَتِهِ فَمَنَّتْ عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَنْتَقِلَنَّ وَلَمْ يُؤَجِّلْ فَأَقَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَطْلُبُ مَنْزِلًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَرْجُو أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قِيلَ: إنْ أَقَامَ شَهْرًا. قَالَ: إنْ تَوَانَى فِي الطَّلَبِ خِفْت أَنْ يَحْنَثَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ هَذَا خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الْوَاضِحَةِ لِمَا فِي هَذَا مِنْ بِسَاطِ الْمِنَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَوَانَى شَهْرًا قَوِيَتْ مِنَّتُهَا عَلَيْهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَطْلُبُ فِيهَا مَنْزِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَّةٌ أَلْبَتَّةَ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَوْ بِبَقَاءِ رَحْلِهِ لَا بِكَمِسْمَارٍ)
ش: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ، وَقَوْلُهُ: كَمِسْمَارٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ لَا يُحْنَثُ بِهِ كَالْمِسْمَارِ وَالْوَتَدِ لِلنَّزَارَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِمَتَاعِهِ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَرَكَهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فِي الْمَنْزِلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَنَزَلَتْ فَأَفْتَيْتُ فِيهَا بِذَلِكَ إذَا أُمِنَ مِنْ التَّوْلِيجِ وَلَمْ يَطْمَعْ بِمُكَافَأَةِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ طَمَعَ فِي ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَبْقَاهُ صَدَقَةً عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ.
(قُلْت) إنْ قَبِلَهُ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ عَنْ قَدْرِ مَا يُحْنَثُ بِهِ جَرَى حِنْثُهُ عَلَى الْمُتَرَقَّبِ هَلْ يُعَدُّ حَاصِلًا يَوْمَ حُصُولِهِ أَوْ يَوْمَ حُصُولِ سَبَبِهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلًا وَاحِدَةً فَقَالَ مَالِكٌ يَحْنَثُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ وَضَعَهَا مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْعَتَبَةِ يَمْنَعُ الْغَلْقَ حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ أَقَلَّ الْخَارِجَةَ لِيَدْخُلَ فَتَذَكَّرَ فَأَخْرَجَهَا حَنِثَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ وَصَدْرَهُ قَائِمًا لَمْ يَحْنَثْ وَمُضْطَجِعًا حَنِثَ، انْتَهَى. وَالْمَسْأَلَةُ فِي النَّوَادِرِ نَقَلَهَا عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ أَوْ عَيْبِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ فَقَضَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ دِرْهَمًا نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا أَوْ نَاقِصًا بَيِّنًا أَوْ زَائِفًا لَا يَجُوزُ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ حَانِثٌ، انْتَهَى. .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَا إشْكَالَ فِي الْحِنْثِ إذَا كَانَ الدَّافِعُ عَالِمًا بِذَلِكَ حِينَ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْنَثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ