وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يفعل، ومن تأمَّل السِّيرة، وجد كيف طبَّقها - صلى الله عليه وسلم - عمليًا، بل كان له من خاصَّة أصحابه - كالخلفاء الأربعة - من يستشيرهم ويراجعهم.

إذا بلغ الرَّأي المشورة فاستعن ... برأي نصيحٍ أو نصيحة حازم

ولا تجعل الشُّورى عليك غضاضةً ... فإن الخوافي قوَّةٌ للقوادم

ويؤكِّد عليُّ - رضي الله عنه - في موعظته هذه على فائدةٍ أخرى من فوائد الاستشارة، وهي: أنَّها أبعد عن الملامة؛ ملامة الشخص لنفسه، أو ملامة الناس له، ولسان حاله يقول: قد استشرت الخلق، واستخرت الخالق، وهذا غايةُ وُسْعِي!

وأعرف من أهل العلم المعاصرين -وهو في عشر السبعين متَّع الله بحياته على حسن عملٍ - من لا يقدم على أيِّ خطوةٍ في حياته العلميَّة والدعويَّة إلا وقد استشار، وقال لي مرةً: لم أندم يومًا في حياتي على قرارٍ اتَّخذته ولو جاء الأمر على خلاف مرادي؛ لأنَّني لا أقدم إلا بعد استخارةٍ واستشارةٍ، وهذا غاية ما في وُسْعِي.

• ومن مواعظه - رضي الله عنه -:

«لله امرؤٌ راقب ربَّه، وخاف ذنبه، وعمل صالحًا، وقدَّم خالصًا، واحتسب مذخورًا، واجتنب محذورًا، ورمى عَرَضَا، وأحرز عِوَضًا، كابَرَ هواه، وكذَّب مُناه» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015