ليصحِّح بعض المفاهيم الخاطئة في هذا المعنى ... فإنَّ الأناة في بعض الأمور مذمومةٌ ومُلامةٌ، ومنها الأمور التي أشار إليها عمرٌو - رضي الله عنه -، وهي:
o العمل الصالح: فالمؤمن يعلم أنَّ ترك المبادرة للعمل الصالح هو في حقيقته تفويت لتجارةٍ رابحةٍ مع الله تعالى.
o والثانية: دفن الميِّت، فحقُّه أن يكرم بدفنه؛ فإنَّ الله تعالى قال: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21].
o وتزويج الكُفْءِ، فمتى ما تقدَّم الكفءُ للموليَّة - بنتًا كانت أم أختًا - فليبادر بتزوجيه، فإنَّ الفرصة الجيِّدة قد لا تتكرَّر، وقد أحسن القائل:
إذا هبَّت رياحك فاغتنمها ... فعقبى كلِّ خافقةٍ سكون
ولا تقعد عن الإحسان فيها ... فلا تدري السُّكون متى يكون
• ومن المواعظ التي رويت عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، ما تصوِّره هذه القصة التي وقعت بينه وبين الحبر عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما حين دخل عليه، فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال:
«أصبحت وقد ضيَّعت من يديني كثيرًا، وأصلحت من دنياي قليلًا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدتُّ، والذي أفسدتُّ هو الذي أصلحت، لقد فزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمجنون بين السماء والأرض، لا أرتقي بيدين، ولا أهبط برجلين، فعظني بعظةٍ أنتفع بها يا بن عباسٍ!».
قال ابن عباسٍ: هيهات! صار ابن أخيك أخاك، ولا يشاء أن يبكي إلا بكيت (?).