ما هو من جنس تلك الأقوال، أو أضعف منها، أو أقوى منها» (?).
وهذه الحال- أعني البصر بعيوب الناس، والغفلة عن ذنوبه - إذا وصل إليها العبد، فهي علامة خذلانٍ والعياذ بالله، فليتجنَّبها الإنسان، وليسأل الله تعالى العافية منها، وعليه أن يبادر إلى خاصَّة إخوانه، فيستنصحهم، ويطلب منهم تبصيرهم إيَّاه بأخطائه؛ فإنَّ الإنسان- أحيانًا - لا يكتشف ما فيه من عيوبٍ؛ إمَّا لأنَّه لا يشعر بها أصلاً؛ لِقدَمِها ورسُوخِها فيه، أو يظنُّ أنَّها ليست بعيوبٍ أصلًا.
* * *
• ومن مواعظ أبي هريرة - رضي الله عنه - (?): أنَّ رجلًا جاءه فقال له: إنِّي أريد أن أتعلَّم العلم، وأنا أخاف أن أضيِّعه ولا أعمل به! فقال له أبو هريرة:
«ما أنت بواجدٍ شيئًا أضيع له من تركه».
لله درُّ أبي هريرة على هذا الجواب الذي خرج من مشكاة العلم الموروث عن معلِّم الناس الخير - صلى الله عليه وسلم -!
ذلك أنَّ هذه الشُّبهة التي عرضت لهذا الرجل - وهي تعرض لكثيرين - وهي ترك العلم خشية تضييعه، وعدم العمل، وخشية الاستكثار من حجج الله تعالى عليه ليس دواؤها ولا علاجها في ترك العلم، بل في تعلُّم العلم الذي يحمل صاحبه على المحافظة عليه والعمل به، ويكون سلَّمًا ينال به العبد خشية الله تعالى.
لكن مشكلة بعض الناس أنَّه يستعجل ثمرة العمل، ويظنُّ أنَّها تأتي مباشرة! وهذا الاستعجال ليس بجيِّدٍ.