قال ابن الجوزيِّ رحمه الله: «وبالعلم يتقوَّم قصد العلم، كما قال يزيد بن هارون: طلبنا العلم لغير الله، فأبى إلا أن يكون لله، ومعناه: أنَّه دلَّنا على الإخلاص، ومن طالب نفسه بقطع ما في طبعه، لم يمكنه» (?).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«من طلب العلم أو فعل غيره مما هو خيرٌ في نفسه؛ لما فيه من المحبة له، لا لله ولا لغيره من الشركاء، فليس مذمومًا، بل قد يثاب بأنواعٍ من الثواب، إمَّا بزيادةٍ فيها وفي أمثالها، فيتنعَّم بذلك في الدُّنيا، ولو كان كلُّ فعلٍ حسنٍ لم يفعل لله مذمومًا، لما أطعم الكافر بحسناته في الدُّنيا؛ لأنَّها تكون سيِّئاتٍ! وقد يكون من فوائد ذلك وثوابه في الدُّنيا: أن يهديه الله إلى أن يتقرَّب بها إليه، وهذا معنى قول بعضهم: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله، وقول الآخر: طلبهم له نيَّةٌ؛ يعني: نفس طلبه حسنةٌ تنفعهم، وهذا قيل في العلم لأنَّه الدليل المرشد.
فإذا طلبه بالمحبة، وحصَّله وعرفه بالإخلاص، فالإخلاص لا يقع إلا بالعلم، فلو كان طلبه لا يكون إلا بالإخلاص، لزم الدَّور» (?).
والمقصود أنَّ من عرضت له مثل هذه الشُّبهة التي عرضت للرجل الذي سأل أبا هريرة- في شأن طلب العلم- فليداوها بالطلب، الذي لن يزيده - إن شاء الله - إلا حرصًا على الخير، وتصحيحًا للنيَّة، وتعلُّقًا به.
* * *