(3/ 3)
• ومن مواعظ أبي عبد الله، سلمان الفارسيِّ - رضي الله عنه - (?):
أنَّ رجلًا قال له مرةً: أوصني! قال: «لا تكلَّم»! قال: ما يستطيع مَن عاش في الناس ألَّا يتكلَّم.
قال: «فإن تكلَّمت، فتكلَّم بحقٍّ أو أسكت»! قال: زدني، قال: «لا تغضب»، قال: أمرتني ألَّا أغضب، وإنَّه ليغشاني ما لا أملك! قال: «فإن غضبت، فاملك لسانك ويدك».
قال: زدني، قال: «لا تلابس الناس» - أي: لا تخالطهم خلطةً كثيرةً - قال: ما يستطيع من عاش في الناس ألَّا يلابسهم، قال: «فإن لابستهم، فاصدق الحديث، وأدِّ الأمانة».
ما أجمل طلب الوصيَّة من العلماء! وما أجمل الوصيَّة حين تصدر من العالم العاقل المجرِّب!
فأنت تلاحظ أنَّ سلمان - رضي الله عنه - خرجت نصائحه في قالب النهي المبكِّر عن بعض ما علم من حال الرجل أنَّه لن يفعله ابتداءً، لينتقل بعد ذلك إلى لُبِّ الوصيَّة في الموضوعات الثلاثة التي يُبتلى بها عموم الناس.
فحين أوصاه بعدم الكلام، واعتذر بصعوبة ذلك، أوصاه قائلًا: