• ومن مواعظ سلمان - رضي الله عنه - قوله (?):
«إذا أسأت سيِّئةً في سريرةٍ، فأحسن حسنةً في سريرةٍ، وإذا أسأت سيئةً في علانيةٍ، فأحسن حسنةً في علانيةٍ؛ لكي تكون هذه بهذه».
ما أكثر ما يقع منَّا التقصير! فكم هو حسنٌ أن نُتبع السيِّئة الحسنة؛ لعلَّها تمحوها، والأجمل أن يكون هذا كما قال سلمان؛ فسيِّئة السِّرِّ تمحوها حسنة السِّرِّ، وكذلك سيئة العلن.
وفي هذه الموعظة من الفقه: أنَّه ليس من العدل أن يُخطئ الإنسان في العلن، ولا يعتذر من ذلك إلا سرًّا.
ولهذا؛ كان من فقه الأئمة- رحمهم الله تعالى - أنَّه إذا صدرت فتوى عن أحدٍ منهم، واشتهرت، فإنَّه يُعلن تراجعه علنًا، ومن ذلك: تراجع الإمام أحمد عن فتواه المشهورة بوقوع طلاق السكران، فإنَّه صرَّح رحمه الله بتراجعه.
وفي عصرنا الحاضر، ومع انتشار وسائل التقنية التي تنقل القول في ثوانٍ معدودةٍ؛ يتعيَّن على من له قولٌ مقبولٌ، أو حضورٌ إعلاميٌّ - خاصةً من أهل العلم- أن يُراعوا هذا المعنى المهمَّ، وأن يكون الأصل هو التريُّث في القول والنقل، فإن تبيَّن الخطأ، كان الإنسان شجاعًا في الاعتراف بالخطأ، وبيان الصواب، وصدق أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - حين قال لأبي موسى الأشعريِّ: «لا يمنعنَّك قضاءٌ قضيته ثم راجعت فيه نفسك، فهُديت لرُشده أن تنقضه؛ فإنَّ الحقَّ قديمٌ لا ينقضه شيءٌ، والرجوع إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل» (?).
هذه بعض الوقفات مع مواعظ الصحابيِّ الجليل سلمان الفارسيِّ - رضي الله عنه - وما زال الحديث موصولًا مع بعض مواعظه.