• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (?):

«إنَّما مثل المؤمن في الدُّنيا كمثل رجلٍ مريضٍ معه طبيبه الذي يعلم داءه ودواءه، فإذا اشتهى شيئًا يضرُّه منعه، وقال: لا تقربه؛ فإنَّك إن أصبته أهلكك، فلا يزال يمنعه ما اشتهى ممَّا يضرُّه حتى يبرأ من وجعه بإذن الله، وكذلك المؤمن يشتهي أشياء كثيرةً ممَّا فضِّل به غيره من العيش، فيمنعه الله إيَّاه ويحجزه عنه حتى يتوفَّاه فيدخله الجنة».

لله ما أجمل هذه الموعظة التي تربِّي في الإنسان عبودية التسليم والانقياد، واليقين بأنَّ ما أباح الله شيئًا إلا لمصلحةٍ، ولا منع العباد من شيء وحرَّمه عليهم إلا لمصلحتهم!

إنَّنا اليوم في عصرٍ كثُر فيه الحديث عن الحريَّات الدينيَّة، وزاد بعضهم في لغة خطابه ما يشعر بألوانٍ من الزندقة- عياذًا بالله - وكأنَّه يريد أن يكون ندًّا وخصمًا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - من كثرة اعتراضه على الأحكام الشرعيَّة!.

ولا والله، لا يتمُّ إيمان العبد إلا بمروره على قنطرة التسليم، كما قال سبحانه: ... {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

وفرقٌ كبيرٌ بين سؤال الإنسان عن الحكمة في التشريع، والتماس السبب الذي لأجله أُبيح هذا أو مُنع ذاك، وبين الاعتراض؛ فهو دليلٌ على قلة إيمان المعترض، أو ردَّته، حسب حاله ومقامه.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015