وبم تكون حياته؟ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن خلا قلبه من ذلك -والعياذ بالله - فليبحث له عن قلب، فقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (ما من نبيٍّ بعثه الله في أمَّةٍ قبلي إلَّا كان له من أمُّته حواريُّون وأصحابٌ، يأخذون بسنَّته، ويقتدون بأمره، ثمَّ إنَّها تخلف من بعدهم خلوفٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده، فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانه، فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبه، فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّة خردلٍ) (?).
لقد شرح حذيفة نفسه هذه الجملة المختصرة، فقال:
«أفلا تسألون عن ميِّت الأحياء؟ فقال: إن الله تعالى بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس من الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان، فاستجاب له من استجاب، فحيا بالحقِّ من كان ميتًا، ومات بالباطل من كان حيًّا، ثم ذهبت النُّبوَّة فكانت الخلافة على منهاج النبوة، ثم يكون مُلكًا عضوضًا، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه والحقَّ استكمل، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه كافًّا يده وشعبةً من الحقِّ ترك، ومنهم من ينكر بقلبه كافًّا يده ولسانه وشعبتين من الحقِّ ترك، ومنهم من لا ينكر بقلبه ولسانه، فذلك ميِّت الأحياء!» (?).
يقول عاصمٌ الأحول: «ما سمعت الحسن البصريَّ يتمثَّل ببيتٍ من شعرٍ قطُّ إلا هذا البيت:
ليس من مات فاستراح بميتٍ ... إنَّما الميت ميِّت الأحياء
ثم قال الحسن: وصدق والله، إنَّه ليكون حيًّا، وهو ميت القلب!» (?).