حظَّه، ومن لا يوافق قوله فعله، فذاك الذي يوبِّخ نفسه».
قال بعض السلف: أسكتتني كلمة عبد الله بن مسعودٍ عشرين سنةً؛ حيث يقول: من كان كلامه لا يوافق فعله، فإنَّما يوبِّخ نفسه (?).
ما أبلغ هذه الموعظة! وما أشدَّ حاجتنا لتأمُّلها! فإنَّ النفس قد تتوق كثيرًا للمعرفة والتعلُّم، ولكنَّها قد تفرِّط أو تقصِّر في ترجمة هذا العلم، وهذا في حقيقته توبيخٌ للنفس كما قال ابن مسعودٍ.
وكلام السلف في ذا المعنى كثيرٌ وطويلٌ، ولأجله صنَّف بعض العلماء كتبًا مستقلةً، كما صنع الخطيب البغداديُّ رحمه الله في كتابه الماتع: «اقتضاء العلم العمل».
قال الإمام مالكٌ رحمه الله: بلغني عن القاسم بن محمدٍ قال: «أدركت الناس وما يعجبهم القول؛ إنَّما يعجبهم العمل» (?).
إذا العلم لم تعمل به كان حجَّةً ... عليك ولم تعذر بما أنت جاهله
فإن كنت قد أوتيت علمًا فإنَّما ... يصدِّق قول المرء ما هو فاعله
ومن أخوف الأحاديث على المؤمن الذي لا يعمل بعلمه، وإنَّما حظُّه من ذلك العلم فحسب، والرِّياء والتَّكثُّر به: حديث الثلاثة الذين هم أوَّل من تسعَّر بهم النار، وفي رواية الترمذيِّ وغيره لهذا الحديث قصةٌ مؤثِّرةٌ، وهي أنَّ شفيًّا الأصبحيَّ قال لأبي هريرة - رضي الله عنه -: أسألك بحقٍّ وبحقٍّ (?) لما حدَّثتني حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدِّثنَّك حديثًا حدَّثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقلته وعلمته،