دِينارٌ قَالَ أَهْلُ هَذَا الزُقَاقِ – أَىْ السُّوقِ لا تَحْتَمِلُ أَحْوَالُهُمْ مُشْتَرَى مِثْلِ هَذا لأَنَّهُ زُقاقٌ بَيّنُ الاختِلالِ إلى جَانِبِ الصَّحْراءِ لا يَنْزِلُهُ مَنْ مَعَه شَئٌ يَخَافُ عَليهِ أَوْ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ هذِه النَّفَقَة وَمَا هِي إلاّ بَليَّةٌ يَنْبَغِيْ أنْ يُكْشَفَ عَنْهَا فَاسْتَبعَدَ الرَّجُلُ هَذا وقَالَ هَذا فِكْرٌ بَعِيدٌ.
فَقَالَ: اطْلَبُوُا لِي امْرأةً مِنْ الدَّربِ أُكَلَّمُهَا فَدَقَّ بَاباً غَيْرَ الذي عليهِ الشوكُ وَطَلَبَ مَاء فَخَرجَت عَجُوزٌ ضعيفةٌ فما زالَ يَطْلُبُ شَرْبَةً بَعْدَ شَرْبَةٍ وَهِيَ تَسْقِيهِ وَهُوَ في خِلالِ ذَلِكَ يَسْأَلُ عَن الدَّرْبِ وَأهْلِهِ وَهِي تُخِبرُهُ غَيْرَ عَارِفَةٍ بِعَوَاقِبِ ذَلكَ.
إلى أنْ قَالَ لَها: وَهَذهِ الداُر مَنْ يَسْكُنُهَا؟ وَأشَارَ إلَى التي عِنْدَ بابِها عِظامُ السَّمَكِ فقالَتْ فِيها خَمْسَةُ شَبَابٌ أعفَارٌ كأَنَّهُم تُجَّارٌ وَقَدْ نَزَلُوا مُنْذُ شَهرٍ لاَ نَراهُمْ نَهَاراً إلا فِي مُدّةً طَويلةٍ وَنَري الواحِدَ مِنْهُم يَخرُجُ لِلحَاجَةِ ويعُودُ سَريعاً.
وَهُمْ في طُوْلِ النَّهَارِ يَجْتَمِعُونَ فَيأكُلونَ وَيشْرَبُونَ وَيَلْعَبُونَ بِالشَّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَلَهُم صَبِيٌّ يَخْدِمَهُم فإذَا كَانَ اللَّيلُ انْصَرفُوا إلى دَارٍِ لَهُم بالكَرْخِ وَيَدَعُوْنَ الصَّبِيَّ في الدَّارِ يَحْفَظُهَا فَإذَا كَانَ سَحَراً جَاؤا وَنَحْن نِيَامٌ لا نَشْعُرُ بِهِم.
فَقَالَ لِلرَّجُلِ هَذِهِ صِفَةُ لُصُوصٍ أَمْ لاَ قَالَ: بَلَى. فَأَنْفَذَ في الحَالِ فَاسْتَدْعَى عَشَرةً مِنْ الشُّرطِ وَأدْخَلَهُم إلي سَطْحِ الجِيْرَانِ وَدَقَّ هو البَابَ فَجَاءَ الصَّبِيَ فَفَتَحَ فَدَخَلَ الشُّرطُ مَعَهُ فَمَا فَاتَهُ مِن القَومِ أحَدٌ فَكانُوا هُمْ أصْحَابُ الخِيَانَةِ بِعَينهِمْ.
وَمِنْ ذَلِكَ أنَّ بَعْضَ الوُلاَةِ سَمعَ في بَعْضِ لَيالِىْ الشَّتَاءِ صَوْتاً بِدَارٍ