يَطْلُبُ مَاءً بَارِداً فَأمَرَ بِكَبْسِ الدَّارِ فَأخْرَجُوا رَجُلاً وَامْرَأةً فَقِيْلَ لهُ مِنْ أيْنَ عَلِمْتَ قَالَ الماءُ لا يُبَرَّدُ في الشّتَاءِ إنَّمَا ذَلِكَ عَلامَةٌ بينَ هَذيْنِ.
وَأَحْضَرَ بَعْضُ الوُلاةِ شَخْصَيْن مُتَّهَمَيْنِ بِسَرِقَةٍ فَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَأَخَذَهُ وَأَلقَاهُ في الأرضِ عَمْدَاً فانْكَسَر فَارْتاعَ أحَدُهُمَا وَثَبَتَ الآخِرُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ للذِيْ انْزَعَجَ اذهَبْ وَقَالَ للآخَرِ أَحْضِرْ العُمْلَةَ.
فَقاَلَ لَهُ مِنْ أَيْنَ عَرَفتَ ذَلِكَ فَقَالَ اللصُّ قَويُ القَلبِ لا يَنْزَعِجُ وَالبَريءُ يُرَي أنّهُ لوْ نَزَلَتْ فِيْ البَيْتِ فَأْرَهُ لأزْعَجَتْه وَمَنَعَتُه مِنَ السَّرِقَةِ.
شِعْراً: ... يَا نَفْسُ قَدْ طَابَ في امْهَالِكِ العَمَلُ
فاسْتدْرِكِي قَبْلَ أنْ يَدْنُو لَكِ الأَجَلُ
إلى مَتَى أنْتِ في لَهْوٍ وفي لَعِبٍ
يَغُرُّكِ الخَادِعَانِ الحِرْصُ وَالأمَلُ
وَأنتِ في سُكر لَهْوٍ لَيْسَ يَدْفَعُهُ
عَنْ قَلْبِكِ النَّاصِحَانِ العُتْبُ وَالْعَذَلُ
فَزَوَّدِيْ لِطَرِيْقٍ أَنْتِ سَالِكه
فِيْهَا فَعَمَّا قليْلٌ يَأْتِكَ المَثَلُ
وَلا يَغُرُّكِ أيَامُ الشَّبَابِ فَفِي
أَعْقَابِهَا المُوبِقَانِ الشَّيْبُ وَالأَجَلُ
يَا نَفْسُ تُوْبِيْ مِنْ العِصْيَانِ واجْتَهِدي
وَلا يَغُرَّنَّكِ الأبْعَادُ وَالمللُ
ثُمَّ احْذَرِيْ مَوْقِفَاً صَعباً لِشِدَّتِهِ
يَغْشَى الوَرَى المُتْلِِفَانِ الحُزْنُ وَالوَجَلُ