.. دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَا تَعَالَى ... وَأَعْطَى تِلْكَ فِي ظُلْمِ اللَّيَالِي
عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ ذَوِي سَوَادٍ ... شَدِيدٍ حَالِكٍ مِثْلُ الكُحَالِ
وَمُجْرِي القُوْتَ فِي الأَعْضَاءِ مِنْها ... وَأَعْضَاءِ البَعُوضِ بِكُلِّ حَالِ
وَمَدَّ جَنَاحَهِ فِي جُنْحِ لَيْلٍ ... وَأَعْرَاقُ النِّيَاطِ بِلا اخْتِلالِ
وَيَعْلَمُ مَا أَسَرَّ العَبْدُ حَقًّا ... وَأَخْفَى مِنْه فَاسْمَعْ لِلْمَقَالِ
فَمَنْ ذَا شَأْنُهُ أَيَصَحُّ شَرْعًا ... وَعَقْلاً أَنْ يُشَارِكَهُ الْمَوَالِي
مَعَاذَ اللهِ مَا هَذَا بِحَقٍّ ... وَلا فِي العَقْلِ عِنْدَ ذَوِي الكَمَالِ
أَفِي مَعْقُولِ ذِي حُجْرٍ عُدُولٍ ... إِلَى مَيْتٍ رَمِيمٍ ذِي اغْتِفَالِ
عَدِيمِ السَّمْعِ لَيْسَ يَرَاهُ يَوْمًا ... عَدِيمَ العِلْمِ لَيْسَ بِذِي نَوَالِ
وَيَتْرُكُ عَالِمًا حَيًّا قَدِيرًا ... بَصِيرًا سَامِعًا فِي كُلِّ حَالِ
كَرِيمًا مُحْسِنًا بَرًّا جَوَادًا ... رَحِيمًا ذُو الفَوَاضِلِ وَالنَّوَالِ
لَعَمْرِي إِنَّ مَنْ يَأْتِي بِهَذَا ... لَذُو خَبَلٍ مِنْ الإِسْلام ِخَالِ
وعَقلٌ يَرْتَضِي هَذَا لَعَمْرِي ... سَقِيمٌ زَائِغٌ وَاهِ المَقَالِ
وأَهلُوَه أضلُّ النَّاس طُرًّا ... وأسفهُهُم وأولى بالنَّكَالِ
فلا يَغُرُوكَ إقرارٌ بِمَا قَدْ ... أَقرَّ الْمُشْرِكُونَ ذَوُوا الضَّلالِ
بأَنَّ الله خَاِلقُ كُلِّ شيء ... ومَالِكُه وذا بالاقْتِلالِ
ورَزَّاقٌ مُدَبِّرُ كُلِّ أَمْرٍ ... وَحيٌ قَادِرٌ رَبُّ العَوَالِي
فَهََا قَدْ أَقَرَّ بِهِ قُرَيْشٌ ... فَلَمْ يَنفَعْهُمُوا فاسْمَعْ مَقالِي
وهُمْ يَدْعُونَ غَيرَ اللهِ جَهْرًا ... وَجَهْلاً بِالْمُهَيْمِنِ ذِي الْجَلالِ
وَلِلأَشْجَارِ وَالأَحْجَارِ كَانَتْ ... عِبَادَتُهُمْ بِذَبْحٍ مَعْ سُؤَالِ
وَلِلأَمْوَاتِ هَذَا كَانَ مِنْهُمْ ... بِخَوْفٍ مَعْ رَجَاءٍ وَانْذْلالِ
وَنَذْرٍ وَاسْتِغَاثَةَ مُسْتَضَامٍ ... فَبَاءُوا بِالْوَبَالِ وَبِالنِّكَالِ