.. فَلا يَدْرِي بِأَحْوَالِ البَرَايَا ... فَتَدْعُو مَنْ يُخَبِرَّ بِالسُؤَالِ
فَتَجْعَلُهُ الوَسَاطَةُ إِنَّ هَذَا ... لَعَمْرِي مِنْ مَزَلاتِ الضَّلالِ
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَيْسَ رَبِّي ... مُرِيدَ النَّفْعِ أَوْ بَذْلَ النَّوَالِ
وَلا الإِحْسَانُ إِلا مِنْ شَفِيعٍ ... يُحَرِّكُهُ فَيَعْطِفُ ذُو الْجَلالِ
لِحَاجَتِهِ وَرَغْبَتِهِ إِلَيْهِ ... وَهَذَا لا يَكُونُ لِذِي الكَمَالِ
أَلَيْسَ اللهُ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ ... وَمَالِكُهُ وَرَبُّكَ ذُو التَّعَالِي
وَمَنْ ذَا شَأْنُهُ وَلَهُ البَرَايَا ... بِأَجْمَعِهَا الأَسَافِلُ وَالأَعَالِي
أَكَانَ يَكُونُ عَوْنًا أَوْ شَفِيعًا ... يُخَبِّرُ بِالْغَوَامِضِ وَالفِعَالِ
وَيُكْرهُهُ عَلَى مَا لَيْسَ يَرْضَى ... تَعَالَى ذُو الْمَعَارِجِ وَالْمَعَالِي
أَكَانَ يَكُونُ مَنْ يَخْشَانُ رَبِّي ... وَيَرْجُوهُ لِتَبْلِيغِ الْمَقَالِ
وَيَشْفَعُ عَنْدَهُ كرهًا عَلَيْهِ ... كَمَا عِنْدَ الْمِلُوكِ مِنْ الْمَوَالِي
لِحَاجَتِهِمْ وَرَغْبَتَهُمْ إِلِيْهِمْ ... لِخَوْفٍ أَوْ رَجَاءٍ أَوْ نَوَالِ
تَعَالَى اللهُ خَالِقَنَا تَعَالَى ... تَقَدَّسَ بَلْ تَعَاظَمَ ذُو الْجَلالِ
أَلَيْسَ اللهُ يَسْمَعُ مَنْ يُنَاجِي ... كَمَنْ يَدَعُو بِصَوْتٍ بِالسُّؤَالِ
وَأَصْوَاتُ الْجَمِيْعِ كَصَوْتِ فَرْدٍ ... وَأَصْوَاتُ الْجَمِيْعِ كَصَوْتِ فَرْدٍ
فَلا يَشْغَلْهُ سَمْعٌ عَنْ سَمَاعٍ ... لِمَنْ يَدْعُو وَيَهْتِفُ بِابْتِهَالِ
وَلا يَتَبَّرمُ الرَّحْمَنِ رَبِّي ... بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ الْمَوَالِي
وَلا يُغْلِطْه كِثْرَةُ سَائِلِيهُ ... جَمِيعًا بِالتَّضَرُّعِ وَالسُّؤَالِ
بِكُلِّ تَفَنُّنِ الْحَاجَاتِ مِنْهُم ... وَأَصْنَافَ اللُّغَاتِ بِلا اخْتِلالِ
فَيُعْطِي مَنْ يَشَاءِ مَا قَدْ يَشَاءُ ... وَيَمْنَعُ مَا يَشَاءُ مِنْ النَّوَالِ
أَلَيْسَ اللهُ يُبْصِرُ كُلَّ شَيْءٍ ... بِلا شَكٍّ وَيُبْصِرُ ذُو الْجَلالِ