تحذر السموم، واعلموا أن الخير أو الشر في الدنيا محال أن يدوم؛ وقابلوا بالصبر أذية المؤذين، ولا تقارضوا مقلات الظالمين، فالله لمن بغي عليه خير الناصرين؛ ولا تستعظموا حوادث الأيام كلما نزلت، ولا تضجوا للأمراض إذا أعضلت؛ فكل منقرض حقير، وكل منقض وإن طال فقصير؛ وانتظروا الفرج، وانشقوا من جناب الله الأرج؛ وأوسعوا بالرجاء الجوانح، واجنحوا إلى الخوف من الله تعالى فطوبى لعبد إليه جانح، تضرعوا إلى الله بالدعاء، والجؤوا إليه في البأساء والضراء؛ وقابلوا نعم الله بالشكر الذي يقيد منها الشارد، ويعذب الموارد؛ وأسهموا منها للمساكين، وأفضلوا عليهم، وعينوا الحظوظ منها لديهم؛ فمن الآثار: «يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها قلما زالت عن قوم فعادت إليهم» . ولا تطغكم النعم فتقصروا في شكرها، وتلفكم الجهالة بسكرها؛ وتتوهموا أن سعيكم جلبها، وجدكم حلبها؛ فالله خير الرازقين، والعاقبة للمتقين، ولا فعل إلا الله إذا نظر بعين اليقين. والله الله لا تنسوا الفضل بينكم، ولا تذهبوا بذهابه زينكم؛ وليلتزم كل منكم لأخيه، ما يشتد به تواخيه؛ بما أمكنه من إخلاص وبر، ومراعاة في علانية وسر، وللإنسان مزية لا تجهل، وحق لا يهمل؛ وأظهروا التعاضد والتناصر، وصلوا التعاهد والتزاور؛ ترغموا بذلك الأعداء، وتستكثروا الأوداء؛ ولا تنافسوا في الحظوظ السخيفة، ولا تهارشوا تهارش السباع على الجيفة؛ واعلموا أن المعروف يكدر بالامتنان، وطاعة النساء وشر ما أفسد بين الإخوان؛ فإذا أسديتم معروفًا فلا تذكروه، وإذا برز قبيح فاستروه، وإذا أعظم النساء أمرًا فاحتقره (إلا أن يكون تعظيمًا للدين فساعدوهن وانصروه) والله الله لا تنسوا مقارضة سجلي، وبروا أهل مودتي من أجلي، ومن رزق منكم مالاً بهذا الوطن القلق المهاد، الذي لا يصلح لغير الجهاد؛ فلا يستهلكه أجمع في العقار، فيصبح عرضة للمذلة والاحتقار، وساعيًا لنفسه إن تغلب العدو على بلده في الافتضاح والافتقار؛ ومعوقًا عن الانتقال، أمام النوب الثقال؛ وإذا كان رزق