قاموا إِلَى الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى فرحين مستبشرين بما قَدْ وهب الله لَهُمْ من السهر وطول التهجد.
فاستقبلوا الليل بأبدانهم، وباشروا ظلمته بصفاح وجوههم، فانقضى عنهم الليل، وما انقضت لذتهم من التلاوة، ولا مَلَّتْ أبدانهم من طول العبادة، فأصبح الفريقان وقَدْ ولى الليل بربح وغبن.
فاعملوا فِي هَذَا الليل وسواده، فَإِنَّ المغبون من غبن الدُّنْيَا والآخِرَة، وكم من قائم لله تَعَالَى فِي هَذَا الليل قَدْ اغتبط بقيامه فِي ظلمة حفرته.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ تعلم سرنا وعلانيتنا وتسمَعَ كلامنا وتَرَى مكاننا لا يخفى عَلَيْكَ شَيْء من أمرنا نَحْنُ البؤساء الفقراء إليك المستغيثون المستجيرون بك نسألك أن تقيض لدينك من ينصره ويزيل ما حدث من البدع والمنكرات ويقيم على الجهاد ويقمَعَ أَهْل الزيغ والكفر والعناد ونسألك أن تغفر لَنَا ولوالدينا وَجَمِيع الْمُسْلِمِين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله.
" فصل ": ويقابل دار الأشقياء التي تقدمت قريبًا دار أخرى دار قرار ونعيم وسرور وحبور وأمن وصحة وحياة أبدية فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مِمَّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
دار جعلها الكريم جَلَّ وَعَلا دار ضيافة يكرم فيها عباده الأخيار الَّذِينَ وفقهم لخدمته والْعَمَل بطاعته.
ولا تظن هَذِهِ الضيافة محدودة، ولا أن الكرامة فيها تنتهي بل كُلّ ما تحبه وتتمناه أمامك إن كنت من أَهْل العفو والتجاوز فتوهم إن تفضل الله عَلَيْكَ بالعفو والتجاوز (أي تصور ممرك على الصراط) .
ونورك يسعى بين يديك وعن يمينك، وكتابك بيمينك مبيض الوجه.