أحزان لا تنقضي وهموم وغموم لا تنفد وسقم لا يبرأ وقيود لا تحل وأغلال لا تفك، قَالَ تَعَالَى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} .

وقَالَ تَعَالَى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} .

ثُمَّ اطلعت النار على ما فِي جوفك فأكلت ما فيه وأَنْتَ تنادى وتستغيث فلا ترحم حَتَّى إِذَا طال فيها مكثك واشتد بك العطش.

فذكرت الشراب فِي الدُّنْيَا فزعت إِلَى الجحيم فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بعذابك فَلَمَّا تناولته تمزعت كفك من تحته واحترقت من حرارته ثُمَّ قربته إِلَى فمك والألم بالغ منك كُلّ مبلغ فشوى وجهك وتساقط لحمه.

ثُمَّ تجرعته فسلخ حلقك ثُمَّ وصل إِلَى جوفك فقطع أمعاءك، قَالَ الله جَلَّ وَعَلا: {وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} ، وقَالَ جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} .

ثُمَّ ذكرت شراب الدُّنْيَا وبرده ولذاته فبادرت إِلَى الحميم لتبرد به كبدك كما تعودت فِي الدُّنْيَا فسقيت فقطع أمعاءك والحميم شراب كالنحاس المذاب يقطع الأحشاء والأمعاء ثُمَّ بادرت إِلَى النار رجَاءَ أن تَكُون أَهْوَن منه ثُمَّ اشتد عَلَيْكَ حريق النار فرجعت إِلَى الحميم قَالَ تَعَالَى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} ، وقَالَ فِي الآية الأُخْرَى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} .

فقدر نفسك مَعَ الضائعين والخاسرين لعلك أن تلحق بالأَبْرَار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015