فجذبت به وبادرت إليك النار ثائرة غضبانة لغضب مولاها وقد غلب على قلبك الندم والتأسف على ضيعتها فيما يسخط الله.

وتصور سماعك لنداء النار بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {هَلِ امْتَلَأْتِ} وسمعت أجابتها {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} وهي تلتهب فِي بدنك لها قصيف فِي جسدك ثُمَّ لم تلبث أن تفطر جسمك وتساقط لحمك وبقيت عظامك.

محترق تطلب مِنْهُمْ ماء أَوْ نحوه فأجابوك بالرد والخيبة فتقطع قلبك حَسْرَة وأسفًا.

قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} فيا خيبة من هَذَا حاله وَهَذَا مآله.

لَقَدْ تقطع قلبك حزنًا إذ خيبوا أملك فيهم وبما رَأَيْت من غضبهم عَلَيْكَ لغضب رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ ففزعت إِلَى الله بالنداء بطلب الْخُرُوج مَنْهَا فبعده مدة الله أعْلَمْ بها جَاءَ الجواب {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} .

فَلَمَّا سمعت النداء بالتخسئة لَكَ ولأمثالك بقى نفسك من شدة الضيق والألم والحَسْرَة مترددًا فِي جوفك لا مخَرَجَ لَهُ فضاقت نفسك ضَيِّقًا شَدِيدًا لا يعمل مداه ألا الله.

وبقيت قَلِقًا تَزْفر ولا تطيق ثُمَّ أتاك زيادة حَسْرَة وندامة حيث أطبق أبواب النار عَلَيْكَ وعلى أعدائه فيها فانقطع الأمل كليًا.

فيا إياسك ويا أياس سكَانَ جهنم حين يسمعوا وقع أبوابها تطبق عَلَيْهمْ، قَالَ الله جَلَّ وَعَلا وتقدس: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} .

فعلموا عَنْدَ ذَلِكَ أن لا فرج أبدًا ولا مخَرَجَ ولا محيص لَهُمْ من عذاب الله خلود فلا موت وعذاب لا زَوَال لَهُ عَنْ ابدأنهم ودوام حرق قُلُوبهمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015