وجدير بالوالد الواعي ألا يترك هذا الوقت النفيس لغيره، وأن ينهض بأعباء الأبوة بإيصال أولاده بنفسه ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
إنها فرصة لتواصل حميمي رائع؛ يبدأ مع بدء اليوم، بابتسامات رشيقة، وهتافات حلوة، وتوجيهات مختزلة؛ ليوم دراسي حافل.
يبدأ بدعاء الركوب، ثم دعاء الخروج من المنزل، أو العكس؛ حسب مكان السيارة داخل البيت أو خارجه، ثم تدور الأحاديث الودية، والمعلومات الخفيفة، وتذكر بعض المحفوظات من كتاب وسنة وشعر وأناشيد.
ويترك المجال واسعا للإنصات للولد؛ حتى يصل وهو مشبع عاطفيا، قد استنفد كل ما لديه، فلا يبقى لمجموعة الأقران ما يتلصصون به على البيت وأهله.
وفي العودة تكون نفوس الأولاد مشحونة بما دار في المدرسة مع الأساتذة والأصحاب، مواقف وحوادث، وانتصارات وهزائم، وإنجازات وإخفاقات، وإيثار واعتداء، فما أحرى الوالد أن يستثمر هذه الفرصة لاستلال كل ما في داخل هذه الأضابير الغضة وتوجيهها توجيها رقيقا، مبدعا، يستنبط فيه الولد صحة الموقف أو عدم صحته؛ كما يتلقى التشجيع والثناء، ويتدرب على وسائط الاتصال الفعال عمليا.
إن السيارة فرصة ـ أيضا ـ للعلاج الفردي للمشكلات النازلة بالولد؛ حيث يعد الكرسي المجاور للوالد مناسبا جدا لكي يفضي بكل ما في داخله؛ حيث القرب النفسي والجسدي، والفضاء الممتد أمام عينيه، فلا حواجز، ولا مجال للحياء السلبي، وليس هناك من يخشى شماتته، أو الفضيحة أمامه.
ويحسن من الوالد أن يطيل الاستماع، ويوجه أسئلة مفتوحة، ويبتعد عن الاتهام وسوء الظن.