فعوقب به فهو كفارته، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه". اهـ منه.
ولفظ مسلم قريب منه بمعناه، ولفظهما متفق في محل الشاهد من الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به فهو كفارته". وهو تصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ متفقٍ عليه بأن المعاقبة -يعني المعاقبة بالحد- كفارة للذنب، فهو عملية تطهير سماوية بالغة غاية الإحكام واتضاح الحكمة من الردع البالغ عن أخذ أموال الناس على ذلك الوجه الخسيس الذي يظنَّ معه الفوت غالبًا لتحرِّي السارق أوقات الغفلة، ولكن عُمْي البصائر لا يعقلون عن الله حِكَمَه البالغة.
ولا شك أن مما يخطر في ذهن طالب العلم أن يقول: ما سر الفرق في نظر الشرع الكريم بين السرقة وبين غيرها من أنواع الجناية على المال، كالغصب والانتهاب ونحو ذلك، حيث أوجب القطع في السرقة دون غيرها مما ذكر؟
والجواب أن الفرق بينهما بأمرين:
الأول: أن غير السرقة من الجنايات على الأموال يكون ظاهرًا غالبًا وتوجد عليه البينة غالبًا، فولي الأمر يرد لصاحب المال ماله ويؤدِّب الجاني أدبًا بليغًا يردعه وأمثاله، وذلك بخلاف! السرقة، فإن السارق لا يسرق غالبًا إلا في غاية الخفاء. بحيث لا يطلع عليه أحد. فيتعسَّر الإنصاف منه، فغُلِّظ عليه الجزاء ليكون ذلك أبلغ في الردع.
الثاني: قلة ما عدا السرقة بالنسبة إليها.