{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 23 - 25]. ولا شك أنه لا فرق بين الذين يرمون المحصنات والذين يرمون المحصنين، كما أجمع عليه جميع المسلمين، ودعوى الخصوص في هذه الآية غير صحيح ولا مستند له.

و- وأما المال: فقد اقتضى التشريع الإسلامي -بما اشتمل عليه من الحكم الباهرة وحفظه المصالح العامة- صيانته والمحافظة عليه بأحكم الطرق وأحسنها وأقومها؛ ولذا حَرَّم على المسلم أن يأخذ شيئًا من مال أخيه إلا عن طِيب نفس منه، وحرَّم استلاب الأموال وابتزاز ثروات الأغنياء. قال تعالى: {ولَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} [البقرة: 188]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29].

وقد نهى الله جل وعلا خلقه في كتابه أن يجعلوا كون هذا غنيًّا وهذا فقيرًا ذريعة للجور وعدم العدل في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَو الْوَالِدَينِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} [النساء: 135]. فترى الله جل وعلا ينهاك في هذه الآية عن الجور في الشهادة، ونهاك أن تشهد للفقير على الغني لضعف الفقير وقوة الغني. وصرَّح بأنه هو أولى بهما منك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015