ولأجل صيانة النسب المحافظة عليه منع الشرع الكريم سقي زرع الرجل بماء غيره، فمنع نكاح الحوامل حتى يضعن حملهن، قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
هـ - وأما العرض أيضًا: فقد اقتضى التشريع السماوي -بما اشتمل عليه من الحكم البالغة- صيانته والمحافظة عليه بأحكم الطرق وأحسنها وأعدلها، فحرَّم على الإنسان تحريمًا باتًّا أن يتكلم في عرض أخيه بما يؤذيه، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]. ثم شنع الوقوع في عرض المسلم وقَبَّحه أعظم تشنيع وتقبيح، حيث مثَّله بأكل لحمه بعد أن مات وأنتن، وذلك في قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} [الحجرات: 12].
ولأجل المحافظة على العرض وصيانته قال تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} [الحجرات: 11].
ولأجل صيانته والمحافظة عليه أوجب الله جل وعلا في محكم كتابه على من قذف مسلمًا حد القذف ثمانين جلدة، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 4، 5].
ولا يرجع هذا الاستثناء عند جماهير أهل العلم منهم الأئمة الأربعة وأصحابهم وعامة فقهاء الأمصار إلى الجلد بل يجلد ولو تاب. وهدد جل وعلا الذين يقعون في أعراض إخوانهم المسلمين باللعن والعذاب يوم القيامة، وكلُّ ذلك لصيانة العرض وحفظه. قال تعالى: