عزيز حكيم"، وهذه الآية باقية الحكم إجماعًا وإن نُسِخ لفظها. وقد رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجَمَ الخلفاء الراشدون بعده، واستقر على ذلك إجماع المسلمين كما هو معلوم لا نزاع فيه.
ومن حِكَم ذلك الردع البالغ عن الزنا بالجلد والرجم حِفْظ الأنساب وعدم ضياعها واختلاطها.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرجم المذكور دلت عليه آية محكمة التلاوة والحُكْم وهي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)} [آل عمران: 23] قال: لأنها نزلت في اليهوديين اللذين زنيا وهما محصنان، وحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمهما، وأعرض اليهود عن قبول ذلك الحكم بالرجم. فذمهم الله بسبب ذلك الإعراض في قوله: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)}. وذمه المعرض عن حكم الرجم في هذه الآية يدل على أنه مشروع في شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، إذ لو كان غير مشروع فيها ما ذم الله المعرض عنه كما ترى.
ولأجل صيانة النسب والمحافظة عليه أوجب الله العِدَّة على النساء
عند المفارقة بطلاق أو موت لئلا يختلط ماء رجل برحم امرأة بماء رجل آخر قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 228]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. ولا يخفى أن عدة الوفاة لا تخلو من شبه تعبد لوجوبها مع عدم الدخول بالمتوفى عنها.