في تشريعه من الحياة {يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 179]. فنادى المخاطبين نداء يختص باصحاب العقول السليمة لأنهم هم الذين يفهمون ذلك وينتفعون به.
ج- وأما العقل: فقد اقتضى تشريع الحكيم الخبير المحافظة عليه بأحكم الطرق وأقومها، فمنع من شرب الخم؛ لأنها تذهب العقل صيانة للعقل ومحافظة عليه، وأوجب الحد في شرب الخمر محافظةً عليه وصيانةً له قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90 - 91]. وفي الحديث: "كل مُسْكِر حرام" وفيه: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". وقد أوجب خميم حد الشارب درأ للمفسدة عن العقل كما هو معلوم.
د- وأما النسب: فقد اقتضى التشريع الإسلامي -الذي هو تشريع خالق السموات والأرض على لسان سيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه- صيانته والمحافظة عليه بأحكم الطرق وأعْدَلها، فحرَّم الزنا، ومن حكمة تحريمه أنه حُرِّم لئلا يبقى الولد من الزنا ضائعًا بلا نسب، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] ونحوها في الآيات. ولأجل المحافظة على النسب أوجب الحد على من زنا -أعاذنا الله وإخواننا المسلمين من ذلك- فصرح تعالى بوجوب جلده مائة جلدة في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ} [النور: 2] وصرح في الآية الأخرى التي هي منسوخة التلاوة باقية الحكم وهي قوله تعالى: "الشيخ والشيخة .. إلى قوله