{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} . على أظهر التفسيرات وَأظْهر الْأَقْوَال فِي ذَلِك.
ثمَّ لما استأنستا النُّفُوس بِالصَّوْمِ وألفته أوجب إِيجَابا جَازِمًا باتا بقوله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . الْآيَة وَبَعض أهل الْعلم يَقُول: أَن مَرَاتِب تدريج الصَّوْم ثَلَاث.
أ- كَانَ أَولا يجب صَوْم يَوْم عَاشُورَاء وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر ثمَّ أوجب صَوْم رَمَضَان سنة اثْنَيْنِ وَقع فِيهِ التدرج الَّذِي ذكرنَا.
وَأما الْخمر: فَإِن من اعتادها يصعب عَلَيْهِ تَركهَا قبحها الله وَلذَلِك لما أَرَادَ الله أَن يشرع تَحْرِيمهَا شَرعه تدريجا على ثَلَاث مراحل أنزل فِيهَا أَولا آيَة الْبَقَرَة المنبهة على بعض معايبها وَمَا فِيهَا من الْإِثْم وهى قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} ثمَّ استأنست النُّفُوس بِأَن فِيهَا إِثْمًا كَبِيرا وَأَن أثمها أكبر من نَفعهَا شرع الله تَحْرِيمهَا فِي بعض الْأَوْقَات دون بعض فَحرمت عَلَيْهِم فِي أَوْقَات الصَّلَاة وَمعنى ذَلِك أَنهم حرم عَلَيْهِم شربهَا فِي وَقت يقرب من وَقت الصَّلَاة بِحَيْثُ يدْخل وَقت الصَّلَاة والشارب لم يَصح. فصاروا لَا يشربونها أَلا فِي وَقْتَيْنِ لَان الشَّارِب فيهمَا يصحو قبل وَقت الصَّلَاة وهما بعد صَلَاة الصُّبْح وَبعد صَلَاة الْعشَاء.
وَذَلِكَ بقوله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} .
فَلَمَّا استأنست النُّفُوس بتحريمها حرمت جَازِمًا باتا فِي غَزْوَة بنى النَّضِير بقوله تَعَالَى فِي سُورَة الْمَائِدَة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} .