الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} 1.

فتكون منه حينئذ تلك الثمرة الجنية التي يحبها الله:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} 2.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} 3.

ويكون حقًّا على الله أن يهديهم سواء السبيل:

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} 4.

وبعد فذلك هو المنهج الرباني في شموله وتكامله وعمقه وإحاطته. وتلك هي طريقته في معالجة النفس الإنسانية من الطفولة الباكرة إلى مرحلة النضج.

إنه منهج كفيل بالفعل بإنشاء "الإنسان الصالح" فردًا وجماعة وأمة متكاملة.

كفيل بإخراج تلك الأمة الخيرة التي استحقت ذلك الوصف الرباني:

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 5.

والتي جعلها الله أمة وسطًا لتكون شاهدة ورائدة لكل البشرية: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} 6.

ولئن كانت هذه الأمة قد تهاوت -دهرًا- في أداء رسالتها التي كلفها بها الله.

ولئن كان هذا التهاون لم يقف أثره عند هذه الأمة وما أصابها من ضعف وتخلف وهوان وتمزيق على يد أعدائها، بل تعداه إلى البشرية بأجمعها، التي فقدت الهداية الربانية التي كانت ممثلة في هذه الأمة، والتي تستطيع -وحدها- أن تقوم انحرافات البشرية وتصلحها. فراحت من جراء ذلك تتخبط في الظلمات، وتقودها الشياطين إلى مهاوٍ ومزالق لا مثيل لها في التاريخ البشري كله في شناعتها وبشاعة آثارها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015