قبل، فآمنت أنه كان ينبغي أن تتحرك لتغييره, ولو كان ذلك تمردًا على قدر الله! وكانت حصيلتها من المعركة أنها اعتقدت أن الذي يفعل في هذا الكون هو السبب الظاهر والنتيجة الحتمية، وأن قدر الله شيء وهمي لا وجود له، وأنه حتى إن كان له وجود فالإنسان موكل بالتمرد على هذا القدر من أجل إصلاح الأرض!! وسميت هذه واقعية!

ونقول هنا كما قلنا هناك إنه لا الإسلام يتقبل مثل هذه الواقعية المنحرفة، ولا كان في حياة المسلمين التاريخية ما يلجئهم إلى قبولها أو اللجوء إليها.

الإسلام قائم على أساس أن الفاعلية الحقيقية في هذا الكون هي فاعلية قدر الله سبحانه وتعالى في كل أمر من الأمور:

{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 1.

{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} 2.

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} 3.

{وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ، وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ، لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} 4.

{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} 5.

{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} 6.

ومع هذا فإن الإنسان له دور يؤديه، بوصفه الخليفة في الأرض، المكلف بعمارتها والسعي في مناكبها، والحامل للأمانة فيها، والمحاسب في النهاية عن عمله في أثناء وجوده فيها، والذي يجري قدر الله فيها بمقتضى عمله إن خيرًا فخير ,إن شرًّا فشر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015