الغش والتدليس والخديعة، ويحرم ترويج الفساد بأي صورة من الصور مهما نتج عنه من "الربح".
كذلك كل تعامل يقوم بين البشر بعضهم وبعض في ظل الإسلام، ولو كان هؤلاء البشر من الأعداء والمحاربين!
يقول عمر لقائد جيشه في فتح فارس: إذا لاعب أحدكم أحد علوج الفرس فظن هذا أنه يعطيه عهد أمان فأنفذه!!
ويرد أبو عبيدة الجزية إلى أهل الشام حين بلغه تجهيز هرقل لمحاربته ويقول لهم: إنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك، ونحن لكم على الشرط إن نصرنا الله عليهم!
ويقول أحد الولاة لعمر بن عبد العزيز: إن الناس يدخلون في دين الإسلام فتضيع علينا الجزية! فيقول له: إنما بعثناك هاديًا لا جابيًا! ويصل التعامل النظيف مع البلاد المفتوحة إلى حد أن يقول يحيى بن سعيد: بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية فاجتبيتها، ثم طلبت فقراء نعطيها لهم فلم نجد، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس! فاشتريت بها عبيدًا فأعتقتهم!
وأما واقعية الانكباب على الحياة الدينا ونبذ الآخرة بدعوى إصلاح الأرض "وإن كان الفساد هو الغالب اليوم على الأرض التي انكب ذووها على إصلاحها! " فالإسلام لا يفرق بين الدنيا والآخرة، ولا بين صلاح الدنيا وصلاح الآخرة!
لقد كان ازورار أوربا عن اليوم الآخر ناشئًا من ظروف معينة أحاطت بأوربا في قرونها الوسطى "المظلمة" حين كانت الكنيسة تفسد الدين، ثم تفسد الحياة باسم الدين، ثم تقول للناس تقبلوا ما في الحياة الدنيا من الفساد والظلم، وسيعوضكم الله خيرًا في الآخرة! كما كانت الرهبانية التي تهمل الحياة الدنيا إهمالًا كاملًا هي الصورة المثلى للحياة "المستقيمة" في ظل الكنيسة، من أجل الحصول على رضوان الله ونعيم الآخرة.
فلما ضجت أوربا بواقعها السيئ وأرادت إصلاحه لم تصلحه على أساس من الدين، أي: الإيمان بالله واليوم الآخر، لأن الصورة الوحيدة للدين عندها كانت هي التي تقدمها الكنيسة. وما أبشعها من صورة! ثم كانت أوربا -بسبب الروح الصليبية والحروب الصليبية- عمياء عن الدين الحقيقي الذي