الخبرة والنظرة الواقعية لا تكون قد اكتملت عنده "إلا أن يكون ناضجًا نضوجًا مبكرًا لتفوق في شخصه أو لظروف عامة تعجل بالنضج كظروف الدعوة الإسلامية الأولى".
وأما في مرحلة النضج فقد أصبح الأمر لزمًا، لأن الشاب يتحمل مسئولية نفسه، وغالبًا ما يكون معه أسرة كذلك يتحمل مسئوليتها، بالإضافة إلى مسئوليته الاجتماعية العامة "أو الإنسانية إن كان من ذوي الأفق الواسع أو المواهب الفائقة".
وفي موعدها المناسب -في الفطرة الربانية- تجيء النظرة الواقعية لتؤدي دورها في حياة الإنسان.
وللإسلام في تربية هذه الواقعية منهج محكم وشامل، لكي تؤدي مهمتها كاملة دون أن تتعرض للانحراف1.
فاللإسلام أولًا منهجه للنظر العقلي:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} 2.
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} 3.
فالتفكر، وإعمال العقل، وعدم اقتفاء ما لا دليل عليه، والشعور بالمسئولية عن كل كلمة ينطق بها الإنسان, وكل فكر يرد في ذهنه أن يمحصه ويقيمه على أسس سليمة، كل ذلك يجعل التفكير أدنى إلى السلامة وأبعد عن الشطط.
ثم هناك التجرد الواجب في هذا الشأن: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} . {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}
{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} 4.
{فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} 5.