فيه أنوثتها وأخلاقها وفطرتها، ثم تفقد البشرية كلها من وراء ذلك "المربية" التي تربي الأجيال، وتتولى التربية بدلًا منها أجهزة ومؤسسات لا تغني غناء الأم، ولا تعطي الصحة النفسية المطلوبة لبني الإنسان1.
ونعود إلى السمات المميزة لفترة النضج، فنجد النظرة الواقعية إلى الأمور، بعد النظرة الحالمة أيام المراهقة والخيال المجنح في فترة الشباب الباكر.
ولقد قلنا في فترة الشباب الباكر إن الشباب في تلك الفترة يبدأ يفكر في "الحلول العملية" لمشكلات الكون كله! ولكن هذه " الحلول العملية" قد لا تكون عملية على الإطلاق! بل قد تكون أحيانًا مستحيلة التنفيذ! إنما قصدنا هناك أن نفرق بين طريقة المراهقة وطريقة الشباب الباكر في التفكير. فحيث "يحلم" المراهق مجرد حلم، فإن الشاب الصغير "يفكر" ويحاول أن يكون واقعيًّا في تفكيره. ولكن نقص الخبرة والعجز عن الإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه، تجعل تفكيره في "الحلول العملية" سطحيًّا في النهاية أو غير عملي على الإطلاق!
أما هنا في مرحلة النضج فقد أخذت الأدوات تكتمل، فأصبح للواقعية رصيد حقيقي ترتكز عليه.
والواقعية أمر ضروري لازم لحياة البشرية لا تستطيع أن تنهض بدونه. فالحياة معاناة واقعية، ومحاولة دائمة لمواجهة واقع معين لا معدى عن مواجهته بما فيه من مشكلات أو مشاق. ويحتاج الأمر دائما إلى الروح الواقعية في هذه المواجهة، وإلا تراكمت المشكلات والمشاق بدلًا من أن تحل، وأصبحت الحياة غير محتملة أو غير معقولة أو غير ممكنة على الإطلاق!
وفي فترة الطفولة والمراهقة يقوم الأبوان بالدور "الواقعي" كله. فهما اللذان يواجهان الواقع, ويعدان الحلول لما يواجه الأسرة وما يواجه الطفل أو المراهق من أمور "إن كان الأفضل إشراكه في بعض الأمر لتدريبه وتنمية شخصيته من أجل المستقبل".
أما في فترة الشباب الباكر فالشاب يشارك في بعض الأمر بالفعل، ولكن