وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} 1.

ولكن هذا شيء، والتواكل المعيب والانصراف عن العمل في الحياة الدنيا شيء آخر. فالإسلام لا يعرف التواكل، وهو يكره العجز والكسل2, والقعود عن العمل، ولا يدعو إلى الفقر، ولا إلى الركون إليه والرضا به مع القدرة على تغييره. إنما يدعو إلى النشاط في طلب الرزق، والتوسع فيه، مع التخفيف من المتاع في ذات الوقت، وإنفاق المال في سبيل الله، سواء في إعانة المحتاجين في التجهيز لأعداء الله:

{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} 3.

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} 4.

{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 5.

وبذلك تظل الدولة الإسلامية قوية وغنية في مقابل أعدائها، ويظل أفراد الأمة بعيدين عن الترف المهلك، أقوياء النفوس بالتخفيف من المتاع. ويتحقق بذلك التوازن الذي تفتقده الجاهليات دائمًا إذ تجنح إلى الإغراق في الترف المادي، أو الزهد في المتاع والزهد في الإنتاج المادي بحجة الارتفاع بالروح، فتنحرف هنا وتنحرف هناك.

وما أحوج البشرية كلها اليوم إلى المنهج الإسلامي المتوازن، تحافظ به على قدرتها التكنولوجية في الإنتاج المادي، دون أن تغرق في الترف المهلك والانحلال الخلقي الفتاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015