وفي المراهقة والشباب الباكر ينصرف معظم "العمل" إلى التحصيل الدراسي والألعاب الرياضية، الفردية منها والجماعية. ويمكن استغلال كليهما في التربية كما أشرنا من قبل.
أما في مرحلة النضج فإن العمل يتخذ طابع المسئولية، وهو الطابع العام لكل شيء في هذه المرحلة، كما يتجه إلى الناحية العملية من جهة أخرى.
اليوم يعمل الشاب عملًا يحس أنه مسئول عنه لأنه هو وسيلته إلى الرزق. كما يحس أن التبعة الملقاة على عاتقه فيه أوسع من نطاق شخصه، لأنها تبعة اجتماعية. وقد تكون أخطر من ذلك تبعة "إنسانية" لذلك يحس دائمًا بالمسئولية وهو مقدم على العمل، سواء عمل حرًّا في التجارة أو الزراعة أو الصناعة، أو عمل موظفًا في وظائف الدولة أو في مؤسسة من المؤسسات.
ثم إن العمل بطبيعته يحتاج إلى الخبرة العملية، لأنه إنتاج متداول بين أيدي الناس، وليس إنتاجًا ذاتيًّا محصورًا في محيط صاحبه وحده. والناس دائمًا تبحث عن الأجود في كل أمر من الأمور.
وسواء كان العمل يدويًّا أو فنيًّا أو عقليًّا بحتًا فإن الخبرة مطلوبة فيه. فالناس تبحث عن العامل الماهر، كما تبحث عن المهندس الماهر والطبيب الماهر، كما تبحث عن السياسي الماهر والمفكر المقتدر.
والإسلام يحث على العمل والإتقان فيه، ويكره الترف والكسل والفراغ.
"من أمسى كالًّا من عمل يده أمسى مغفورًا له" 1.
ويقبل الرسول صلى الله عليه وسلم يدًا, ورمت من كثرة العمل ويقول: "هذه يد يحبها الله ورسوله".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب المؤمن المحترف" 2.
ويقول: "لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب فيبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" 3.