ولربما كان الأمر يكون منطقيًّا ومفهومًا لو أن هذا الجيل الجديد -الصاعد- قد اكتشف الاختلالات القائمة في الجيل السابق فراح يقومها، ثم رفض الجيل السابق مقومات التقويم فتمرد الجيل الصاعد عليه، وأبى إلا إخضاعه أو إنشاء الحياة الجديدة على الرغم منه!

ولكن أين ذلك من الواقع؟

ما مقومات الإصلاح التي يحملها "الهيبيز" بتبذلاتهم وجرائمهم والدنس الحيواني الذي يعيشون فيه، مع تمييع الفطرة التي لا تكاد تميز معها بين فتى أو فتاة؟

وحتى حركات العنف.. ما الذي تحمله من مقومات الإصلاح الجذرية لفساد الحياة الأوربية الذي يشمل كل جوانب الحياة؟

إن نقطة الخلل العظمى في الحياة الأوربية أنها "جاهلية" لا تعرف الله، ولا تحكم بما أنزل الله.. فماذا تملك حركات العنف من زاد يصلح هذا الخلل الأعظم ويرده عن الفساد؟!

وما بنا أن نناقش الجاهلية الأوربية هنا أكثر من ذلك. إنما نسجل فقط أن ظاهرة "الصراع بين الأجيال" القائمة في تلك الجاهلية لا تعرفها قط الحياة الإسلامية الصحيحة التي تسير بمقتضى منهج الله.

تعرف الحياة الإسلامية جيدًا ظاهرة "الاختلاف بين الأجيال" ولكنها لا تعرف قط ظاهرة "الصراع بين الأجيال".

فأما الاختلاف بين الأجيال فأمر تنبه إليه عمر رضي الله عنه في وقت مبكر جدًّا من التاريخ الإسلامي، حين قال: "أحسنوا تربية أولادكم فقد خلقوا لجيل غير جيلكم" وكان يلمح بهذا إلى ما يحدث في حياة البشر من التغير في الصورة السياسية والصورة الاجتماعية والصورة الاقتصادية، فيقول: "أحسنوا تربية أولادكم" أي: اضبطوهم بالقيم الثابتة لكي لا يجرفهم التغير فيحيدوا عن سواء السبيل.

وذلك هو حجر الزاوية في الحياة الإسلامية الصحيحة المحكومة بمنهج الله.

إن صور الحياة تتغير، ولا بد لها أن تتغير. ولكن ينبغي أن تظل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015