التطور، ومن ثم انفلات البشرية إلى الفوضى الهائلة التي تعيشها اليوم، بدعوى أن التطور العلمي والمادي قمين بأن يغير الحياة كلها من ألفها إلى بائها, ولا يترك فيها شيئًا ثابتًا على الإطلاق!
وي! التطور العلمي والمادي يلغي تلك الحقيقة الأزلية الأبدية: أن الله هو الخالق؟
ومن الخالق إذن؟
الطبيعة؟!
وما الطبيعة؟!
وكيف يتسنى للطبيعة التي يقول عنها دارون إنها لا عاقلة ولا مريدة، وإنها تخبط خبط عشواء، أن تخلق الإنسان المفكر المريد المدبر؟ كيف يتسنى للخالق أن يخلق من هو أسمى منه؟!
وكيف يقولون من جانب آخر إن الإنسان سيد الطبيعة إذا كانت الطبيعة هي التي خلقت الإنسان؟!
ما أبأس هذا التطور العلمي، وما أشد تخبطه -هو وعباده- في الظلمات!
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} 1.
من هذه اللوثة نشأ ما يسمونه في الجاهلية الأوربية المعاصرة "صراع الأجيال".
فما دامت الحياة كلها موضوعة على خط التغير، فأنى للأجيال أن تلتقي على أمر واحد من أمور الحياة، والزمن "المتطور" قد فصل بين جيل وجيل إلى غير لقاء؟! فإذا تواجه جيلان -في أي أمر- فهي مواجهة الصراع لا مواجهة الهدنة ولا مواجهة الإتفاق!
ثم تروح كل وسائل "الإعلام! " تغذي هذا الصراع الدائر وتقويه، وتنزع من قلوب "الجيل الجديد" أي توقير للجيل السابق، أي: الوالدين وما حولهما من قيم وتقاليد، وتزرع في تلك القلوب بذرة التمرد والعصيان.