الخطير الذي حدث في الفكر الأوربي بعدها، من انتشار الإلحاد من جهة، ورفض فكرة "الثبات" في أي شيء على الإطلاق من جهة أخرى. إنما ظروف أوربا المحلية هي التي أدت إلى ذلك بما كانت تشتمل عليه من فساد عقيدي1 وفساد ديني شامل2, وفساد سياسي واجتماعي واقتصادي وفكري3. إلخ، كما حدث استغلال مقصود لتلك الظروف من ناحية أخرى على يد ماركس وفرويد ودركايم وغيرهم من "المفكرين! " و"العلماء"! الذين أخرجوا الداروينية من نطاقها المحدود داخل المعمل, وداخل علم الحياة، ليستخرجوا منها ويبنوا عليها نظريات اقتصادية ونفسية واجتماعية تعامل الإنسان من جهة على أنه حيوان، وتهدم من جهة أخرى كل "الثوابت" في حياة البشرية من دين وأخلاق وتقاليد اجتماعية، لتضع بدلًا منها قيمًا متغيرة، أو تضع بدلًا منها أحيانًا فوضى لا ضابط لها ولا حدود! 4.
وأيًّا كانت عوامل الخلل في الجاهلية الأوربية، وسواء كان ما حدث فيها تلقائي الحدوث أو مفتعلًا تقف وراءه وتدفعه القوى الشريرة في الأرض، فإن اللوثة التي أصابت الفكر الأوربي والحياة الأوربية بعد الداروينية هي وضع الحياة كلها -بجانبيها الثابت والمتغير معًا- على خط التغير، الذي يدعونه