ولكن أي علم هو الذي نريد؟
نتحدث أولًا عما ينبغي في المجتمع المسلم- حين يوجد هذا المجتمع- ثم نتحدث عما نستطيعه اليوم في مجتمعاتنا الجاهلية المعاصرة.
فأما في المجتمع المسلم فهناك علم مشترك بين الشاب والفتاة والمسلمين جميعًا صغيرهم وكبيرهم -كل بحسب سنه وما يناسبه- هو العلم بالدين.
وقد كان العلم بالدين قد تحول عند الأجيال المتأخرة من المسلمين إلى مجموعة من الدراسات الفقهية الضيقة، وفي دائرة العبادات بصفة خاصة، لا تعطي روح الإسلام الحقيقية، ولا تنشئ تربية إسلامية حقيقية. وكان هذا أيضًا من الثغرات التي نفذ منها الأعداء.
إنما العلم المطلوب بالدين هو الذي يعطي معرفة بالحقائق الإسلامية وهي عظيمة وضخمة وشاملة، ولا يقتصر على بعض مسائل الفقه. فعقيدة لا إله إلا الله شيء ضخم جدًّا أضخم من الكلمة. والصلاة شيء ضخم جدًا أضخم مما تشتمل عليه من حركات وسكنات. والعلم المطلوب هو الذي ينشئ هذه المعاني الكبيرة في النفوس، ويجعل الحياة تقوم عليها.
وهذا القدر كما قلنا مشترك بين البنين والبنات، والشبان والفتيات، والرجال والنساء، كل بحسب سنه واستعداده.
ثم ينبغي أن يكون هناك إلى جانب ذلك "تربية نسوية" تعد الفتاة لوظيفتها وتعلمها ما تحتاج إلى تعلمه من شئون هذه الوظيفة من إدارة شئون المنزل ورعاية شئون الأطفال والطرق المثلى لتربيتهم، وتحول مشاعر الجنس الفطرية إلى تهيؤ عملي لاستقبال حياة الزوجية المرتقبة، بدلًا من أن تحولها تبذلًا وسعيا وراء الإثارة والفتنة في محيط الشباب، مع الانصراف الكامل عن وظيفة الأمومة في ذات الوقت!
وبعد ذلك تتعلم الفتاة ما تجد في نفسها قابلية له وقدرة عليه بغير قيود. إلا قيدًا واحدًا، هو ألا تصرفها هذه الدراسة نفسيًّا وعقليًّا عن وظيفتها الرئيسية التي ينبغي أن تعد من أجلها.
أما في مجتمعاتنا الجاهلية المعاصرة، فنحن لا نملك البرامج ولا مراحل الدراسة ولا طريقة التدريس، ولا نملك المدرسة المسلمة التي تعطي القدوة بزيها وأخلاقها وفكرها وسمتها الإسلامي وروحها الإسلامية.