إلى ضياع نفسي وروحي وعاطفي، وأرأف بالأطفال من أن يعرضهم لهذا العنت الذي يسلمهم إلى الضياع.
لهذا فإنه سبحانه يضع الموازين الحق التي تستقيم بها الأمور في الحياة الدنيا كما يضع الموازين الحق ليوم القيامة ليسأل الناس عما أفسدوا في الأرض ينبذ منهجه واتباع سبيل الشيطان:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 1.
إن للفطرة ثقلًا ووجودًا حقيقيًّا مهما حاولت هذه الجاهلية إنكاره أو إخفاءه أو تغييره. وحين تشد الفطرة شدًّا إلى غير وجهتها الطبيعية فلقد تحتمل ذلك فترة من الوقت، يخيل للجاهلين فيها أنهم انتصروا عليها ونالوا مأربهم منها! ولكنها -بصرف النظر عن عودتها أو عدم عودتها إلى طبيعتها- لا بد أن تظهر عليها أعراض المرض الناجمة من شدها إلى غير وجهتها.
لا يمكن أبدا أن تستوي الحياة بالفطرة سوية ومنحرفة على السواء! ولا يمكن أن تستقيم الأحوال بالفطرة موجهة إلى غير وجهتها الطبيعية كما تستقيم بها في وجهتها الصحيحة ووضعها الطبيعي.
وهذه الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والخلقية. والقلق والاضطراب والحيرة والضياع. والأسر المفككة، والأطفال المشردون والمراهقون الجانحون. وغيرها من الأعراض التي تجتمع المؤتمرات النفسية والطبية وعلماء الاجتماع وعلماء القانون وعلماء الجريمة لمحاولة حلها. هذه كلها لم تنشأ اعتباطًا بغير أسباب. ولا هي نتيجة "حتمية" للحضارة كما يزعمون، إنما تكمن أسبابها الرئيسية في المحاولة الشيطانية الدائبة لتغيير خلق الله، وترجيل المرأة وتأنيث الرجل، والمجافاة المقصودة لكل ما يأمر به الله.
والفتاة المسلمة لا ينبغي لها بحال أن تقع في غواية الجاهلية المعاصرة وهي ترى برهان ربها في ظهور هذا الفساد المدمر الذي يؤذن بانهيار هذه الحضارة من قواعدها إن لم تعد إلى الله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 2.