{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 1.

ثم إنه لقاء للتعاون لا للخصام والتنافس. لقاء من أجل تكوين أسرة وتنشئة أطفال يتكون منهم الجيل الجديد. فهي إذن مسئولية أكبر من شخصي الزوج والزوجة، وأهم من أن ينشغل الناس عنها بالتفاهات.

ومنهج التربية الإسلامية -في المجتمع المسلم الذي يلتزم بشريعة الله وينفذ أوامره- يعد الفتاة المسلمة في مرحلة الشباب الباكر لمهمتها العظيمة المرتقبة، حتى إذا جاءت الخطبة وجاء الزواج كانت مهيأة لدورها التهيئة الملائمة.

والتهيئة في الحقيقة تبدأ من دور المراهقة، إن لم تبدأ بصورة مخففة من قبل ذلك، من نهاية فترة الطفولة، بتكليف البنت ببعض أمور البيت الخفيفة التي تكسبها التعود على رعاية أموره في المستقبل. ولكن من فترة المراهقة يبدأ الإعداد الجاد لتهيئتها لتكون ربة بيت. ذلك أن الفتاة تدلف من مرحلة المراهقة إلى مرحلة الشباب الباكر بسرعة ملحوظة كما قدمنا. فينبغي ألا يتأخر الإعداد فيجيء الشباب فالنضج وهي لما تتهيأ لمهمتها بعد.

وإدارة البيت ورعاية شئونه فن يحتاج إلى التدريب عليه. ولا يتم بين يوم وليلة. فهو ليس مجرد طبخات تطبخها حتى تجيدها، ولا مجرد تنظيف المنزل وترتيبه. إنما هو قبل كل شيء مسئولية. وفرق كبير بين فتاة دربت على القيام بهذه المسئولية وفتاة لم تدرب عليها، وإن أجادت الطهي والتنظيف والترتيب. إنما الشعور بالمسئولية هو الحافز الذي يحفز على متابعة شئون البيت، ووضع كل شيء في مكانه، وإعداد العدة لما يحتاج إلى إعداد، وملاحظة ما يتلف أو يضطرب نظامه، ومنه أكبر قدر ممكن من الفساد والتلف والاضطراب، وتهيئة أكبر قدر من التنظيم وحسن سير الأمور. وهذا أمر مختلف عن إتقان الطهي أو القدرة على التنظيف والترتيب، وإن كانت هذه كلها مطلوبة ولا شك. ولكنها -وحدها- لا تكوّن ربة البيت، إن لم يكن معها هذا الشعور بالمسئولية. وهو هو الذي نوه به الرسول صلى الله عليه وسلم: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" في الحديث المعروف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015