والجاهلية تطارد الشباب بالدنس الدائم في الإذاعة والصحافة والسينما والتليفزيون والنوادي والشوارع بل حتى داخل البيوت! ثم تتبجح فتقول: "تدين إذا شئت فنحن لا نحارب الدين! "
كأن هذا كله ليس حربًا على الدين!
ومع ذلك فحين تتدين بالفعل تنقض عليك الكلاب! لأن مجرد تدينك معناه أنك تحديت كل الشراك المنصوبة لك بيد الجاهلية. معناه أنك أشرت إليهم -ولو في داخل نفسك- فقلت لهم: إنكم ملوثون!
وقد تتغاضى عنك الجاهلية إذا كنت من أصحاب العزلة الروحية لأنها تقول في سرها: دعه ينشغل عنا في عزلته ونمضي نحن فيما نريد! ولكنها لا تتغاضى عنك حين تتدين التدين الحق الذي يريده الله. الدين المتحرك في واقع الأرض. الدين الذي يغير واقع الحياة.
ورغم ذلك فلا بد من التربية الإسلامية لكي نكون مسلمين.
وأيًّا كان الجهد الذي يبذله السابح ضد التيار، ويبذله المدرب الذي يدربه. وأيًّا كانت الأخطار المحيطة بهما، فليس هناك طريق آخر. ليس هناك طريق سهل ميسر مأمون، ما دامت الجاهلية هي التي تحكم، وليست شريعة الله.
ولقد نبذل الجهد ولا نصل إلى الغاية المطلوبة بالصورة التي نريد. ولكن هذا ليس معناه إلغاء المحاولة والركون إلى القعود.
أولًا، لأنه بغير المحاولة فلن نصل إلى شيء على الإطلاق!
وثانيًا، لأننا حتى إن لم نبلغ الغاية التي نريدها على المستوى الذي نريده، فلن نكون قط على صورة الجاهلية، لأن الجاهلية تستمرئ الدنس وتريده، أو على الأقل تسلم نفسها له بلا مقاومة. أما نحن فنريد ما أمرنا الله أن نريده ونسعى إلى تحقيقه.
وثالثًا، لأننا حتى إن فشلنا فشلًا كاملًا- وذلك لا يحدث في الحقيقة- فإن من فضل الله علينا أن يثيبنا على الجهد الذي نبذله لا على النتائج التي نتوصل إليها؛ وحين نبذل جهد الطاقة فإنه يثيبنا بما تهفو له كل
نفس مؤمنة: رضاه والجنة.